نفسه في المقدمة أن أبا العلاء لقي أبا منصور سنة ٣٩٩ هـ أي قبل ولادته بتسع عشرة سنة فكيف أمكن أن أقام علاقاته الودية كشاب يافع، إن هذا إلا اختلاق، ما له من فواق. .
وكيف يمكن أن تكون القصيدة الطائية للسقط من الرسالة ١٩ للزومية فإن الطائية من السقط، ولا يوجد في السقط بيتان من اللزوم.
وأما أمر كون مخاطب الطائية فإن أبا أحمد عبد السلام أحق بأن يكون مخاطبها بدلًا من أبي منصور وهو أقرب إلى الفهم منطقيًّا وقد ورد ذكره في تأليفات أبي العلاء مرارًا.
وما نسبه مرجليوث من الوهم إلى ياقوت فإنما هو دعوى فارغة لا دليل عليها.
والآن أتصدى لتبديد السحب التي أثاروها على بعض الحقائق منذ تسع مئة سنة ولله الحمد على ذلك.
إن هناك ثلاث شخصيات تاريخية:
(أ) صديق أبي العلاء أبو منصور، أمين مكتبة دار الكتب القديمة المعروف بأبي العلاء محمد على، الذي كان يختلف إلى مجالس الصاحب إسماعيل، وكان أديبًا فذًا ولغويًّا بارعًا، صنف في اللغة كتابه المعروف بـ "الشامل" وقد قرئ عليه في سنة ٤١٦ هـ، والحقيقة أنه كان من مواطني "الري" ولكنه عاش في اصفهان مدة من حياته، وهو الذي عُنِي بأبي منصور في رواية "غرس النعمة".
(ب) وأما أبو منصور بن حمد الذي وضع ترجمته ياقوت وابن حجر فلم يكن له أيّ صلة شخصية بأبي العلاء، على أننا نعترف بأن ورود اسمه مصحوبًا بمحمد ومقرونًا بالخازن كان السبب في إثارة هذا الوهم، ولا نستطيع أن نجزم بأن أيّ مكتبة كان خازنًا لها أو إن نسبة الخازن إليه وهم من الأوهام.
(ج) ومن المصادفات الغريبة أن أبا غالب بن حمد الخازن أخا أبي منصور بن حمد اسمه أيضًا محمد، وتوجد نسخة عتيقة جدًّا لشعر أبي دهبل الجمحي في مكتبة جامعة "لبزيك" يتفرد ورقها الأول والآخر بالرسائل السماعية للأئمّة العديدين، وعندما قرأ أبو غالب الخازن الديوان المذكور أعلاه أمام القاضي التنوخي الصغير