للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المحرم سنة خمس وعشرين وخمس مئة، وكتب النعمان بن وادع بن عبد الله بن مسلم، والحمد لله رب العالمين". أليس هذا النعمان ابنًا لوادع؟ بالتأكيد هو هو، فإن العماد وياقوت يجعلان أبا عديّ النعمان ابنًا لوادع، ويذكران أنه توفي بعد سنة ٥٥٠ هـ، أي بعد قراءة "النقائض" بثلاثين سنة تقريبًا. وهذه العبارة تدل على أن القاضي وادعًا كان حفيدًا لمسلم، لا أنه كان حفيدًا لأخي أبي العلاء، ولا وجه لتخطئة النعمان، فإنه أعرف بأسلافه من أهل بلدته وأقربائه النازلين في الرتبة.

إذن، فمن هو "مسلم"؟ لم يذكره العماد في أسرة بني سليمان، ولا ياقوت. نحيل القرّاء هنا إلى قصة غريبة ذكرت في "سرّ العالمين" (١) -المنسوب ظلمًا إلى الغزالي-. ونقلها الصفدي في نكت الهميان (٢) والوافي بالوفيات (٣) عن مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي، وانتقدتُها بتفصيل في كتابي "أبو العلاء وما إليه". المهم أنه ورد في هذه القصة ذكر مسلم بن سليمان (عمّ أبي العلاء)، فيكون وادعٌ حفيدًا لمسلم هذا، أي أنه حفيد عمّ أبي العلاء. وهو الأقرب إلى الصواب. وتكنية وادع بأبي مسلم أيضًا تدلّ على هذا الأمر، فإن العرب يسمون أبناء الأحفاد بأسماء أسلاف الأسرة، كما لا يخفى على من له إلمام بالإنساب.

بعد هذا التحقيق ثبت أن نسخة "النقائض" هذه تنتمي إلى أسرة علمية قديمة، ولنثبت الآن أن نسخة أخرى من هذا الكتاب كانت موجودة في القرن الحادي عشر الهجري. يقول الخفاجي في "شفاء الغليل" (٤): "قال أبو تمام في شرح المناقضات: يقال فتح السيف إذا أنتضاه. وأنشد ليزيد بن مفرغ:

ويوم فتحتَ سيفك من بعيد ... أضعتَ، وكلّ أمرك لا يضيع"

نجد هذا الشعر في النقائض (٥)، [وقافيته (للضياع) وهو الصواب لأن الردف في سائر القصيدة هو الألف، ولا شك أن "لا يضيع" تحريف. و"المناقضات"


(١) ص ٣٨.
(٢) ص ١٠٧.
(٣) ٧/ ١٨٧ - ١٠٩.
(٤) ص ١٥٠ (طبعة مصر ١٣٢٥ هـ).
(٥) ص ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>