للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - وأما مزعم الأستاذ جنوحًا إلى ما كتبه مستعربو القرن الماضي من أن صاحبها خالد بن صفوان المِنْقري الخطيب المعروف بالفصاحة (الغير القنَّاص والشاعر) فقد كان العاجز يعرفه مما قرأ عنه في كتاب البيان كما قد اعترف به الأستاذ مما نقله عن تأليفي "سمط اللآلي" في حاشيته، فلم يكن مما ذهب عليَّ علمه، أو خفِي عني شخصه. ولكنني والحمد لله أحمد غِبَّ مسراي ونجاح مسعاي.

هذا، وقد كان صديقي العلّام سالم الكرنكوي كتب إليَّ أنه المنقري الخطيب، ذهابًا إلى ما تقدّمه به واضعو فهارسِ خزائنِ بلاده، فما زلزل قدمي كما لم يُزعجه (١) ابنُ حميد الكلابزي أو من نقل كلامه على وجه نسخة ليدن.

٦ - ولكنني أخاف الآن أن تكون هناك تصحيفة أخرى قديمة راجت عليهم لم تخطر على بال أحد، فتناقلها الخلف عن السلف. وهي أنهم لما رأوا خالدًا القناص جعلوه "ابن صفوان" فزادوا من عند أنفسهم اللفظتين إِذ لم يعرفوه وعرفوا المنقريَّ بظنّ أخطأوا فيه وجه الصواب فوهموا وأوهموا من أتى بعدهم فسدلوا بصنيعهم هذا حُجُبًا كثيفة على مُحيّا جلية الأمر وشوَّهوا وجه الحقيقة فإلى الله المشتكى.

وهذا ظاهر لمن وقف على المظانّ الخمس الآتية القديمة، إذا لم نذكر آباءه البتَّة.

٧ - وقد جمع الأستاذ نُتَفًا مبعثرة من هنا وهناك ليعرِّف بالمنقري، ولكنه معرفة غير نكرة. وأزيده الآن بعد ما أتعب جواده وأفرغ مجهوده، أن له ترجمة ضافية في عشر صفحات كوامل في مختصر تاريخ دمشق الجزء الخامس ص ٥٣ - ٦٣. فقوله أن "ترجمته لا توجد مستوفاة ولا مستقصاة" بحيث ترى. ومن حفِظ حُجَّة على من لم يحفَظْ. ولكن الحافظ لم يَدْعُه قنَّاصًا فلم يكن القَنَص مما عرف به ولا كان لسانه كلسان قنّاصنا عاميّة دارجة وهو إمام الفصحاء ومِصْقَع الخطباء. وأما بعد ما نَدّ من اللحن في كلامه فلم يكن يحُطّه إلى درجة صاحبنا الذي كان أكبر همّه قنصه وبعض ما بلغنا من شعره العاميّ المُشْبَع بالأوصاف والنعوت فحسبُ.

وكذلك ما ضبطه واضع فهرست خزانة ديوان الهند (خالد الفيّاض) فإنه غلط فاحش تبع فيه بلديَّةُ المستشرق ووستنفلد الألماني ناشر معجم البلدان على ما سأتلوه عليكم يا سادتي!


(١) إبراهيم المتوفي سنة ٥٣١٢ أدرك المازني وأخذ عن المبرّد.

<<  <  ج: ص:  >  >>