الناشرين والمطابع، وفسد النشر باعتماد كثير من الأساتذة الناشرين على تلامذتهم الأغرار، وجُهّال العمَّال الأغمار، فازداد بذلك التشويه والتصحيف والتحريف، والنشر العلمي كما بيَّناه لا يضطلع به إلا مَن رزقه الله فهمًا في اللغة دقيقًا، وطبعًا عربيًّا صحيحًا، وكان له عناية فائقة بتمحيص المسائل وتحقيق نصوصها ثم أُوتي صبرًا كصبر أيوب، مما اجتمع للعز التنوخي، ولذلك كله جاء (كتاب الإِبدال) على ما رأيتُ، بريئًا من التصحيف سليمًا من التحريف، ما خلا هَنات تعدُّ من طَبَع الطَّبع، وهو ممَّا يشهد للمحقّق باضطلاعه وسعة اطلاعه على أسرار العربية، ولا يجتمع ذلك إلا لقليل من علماء اللغة المحققين وفي مقدمتهم العزُّ التنوخيُّ، فالحمد لله على ذلك، وأنا مع هذه الكلمة المنصفة الصادقة أحثُّه من متابعة جهوده لنشر الجزء الثاني من الإِبدال، وما بقي من آثار أبي الطيب اللغويّ الحلبي، وحقيق به ذلك، لِأَنَّ أَبَا قيس التنوخيّ شاميّ كأبي الطيب فجزاه الله على تحقيقه هذا خيرًا، وأبقاه للعلم والأدب، وخدمة لغة العرب.