للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصِدْق الشَعَر في المَفْرِق، يوجب صدق الإنسان الفَرِقِ (١). وكون الحالية بلا خُرُص (٢)، أجملُ بها من التخرُّص. وقيام النادبة بالمنَادب (٣)، أحسنُ بالرجل من القول الكاذب (٤). وهو أدام الله الجمال به يلزمه البحثُ عن غوامض الأشياء لأنه يُعتَمَد بسؤال رائحٍ وغادٍ، وحاضِرٍ يرجو الفائدَة وبادٍ. فلا غَرْوَ أن كشَفَ عن حقائق التصريف، واحتجّ للتنكير والتعريف. وتكلَّم على هَمْزٍ وإدغام، وأزال الشُبَه عن صُدور الطَغام. فأما أنا فحِلسُ البيت، إن لم أكن المَيتَ فشبيهٌ بالميت. لو أعرضتِ الأغربةُ عن النَعيب، إعراضي عن الأدب والأديب. لأصبحت لا تُحِسُّ نعيبًا (٥)، ولا يُطيق هَرِمُها زعيبًا. ولمّا وافى شيخُنا أبو فلان بتلك المسائل ألفيتُها في اللذّة كأنها الراح، يَستَفزُّ مَنْ سَمِعَها المِراحُ. وكانت الصهباءَ الجُرجانيّة طَرَقَ بها عميدُ كَفر، بعد ميل الجوزاء وسقوط الغَفْر (٦) وكان على يجباها (٧) جلب الينا الشمس وإياها. فلما جُليَتِ الهَدِيُّ ذكرتُ ما قال الأسدي:

فقلت اصطبِحْها أو لغيري فأهْدِها ... فما أنا بعد الشيب، ويبك (٨)! والخمر

تجاللتُ (٩) عنها في السنين التي مضت ... فكيف التصابي بعد ما كلَّا العُمر (١٠)


(١) وكان في الأصل "في الفرق" والفرق كالفروقة الإنسان الخائف كثيرًا.
(٢) خرص كعنق وأصله كقفل الحلقة من الذهب أو الفضة قال ابن جني ليس فعل (بوزن قفل) يمتنع فيه فعل (بوزن عنق) السهيلي ١: ٢٥.
(٣) وفي أخرى بالنادب.
(٤) وفي أخرى من أقوال الكاذب.
(٥) النعيب والزعيب صوت الغراب.
(٦) الكفر القرية. والغفر منزل للقمر ثلاثة أنجم صغار وهي من الميزان. انظر كتاب الأزمنة للمرزوقي ١: ٣١١ و ١٩٣. يريد بعد وهن من الليل.
(٧) كذا في الأصل وهو مصحف لا محالة فلعل الأصل والله أعلم "وكأن غلي حمياها جلب إلينا الشمس وإياها". والحميا السورة والحدة والأيا بالكسر مقصورًا والآياء بالفتح ممدودًا والاياة بالفتح والكسر ضوء الشمس.
والعجب أنّ سليم الجندي (ص ٤) لم يتعرّض لما قاله العلامة الميمنيّ (م. ي).
(٨) الشعر للأقشير. والأبيات خمسة في طبقات ابن قتيبة (ليدن ص ٣٥٤) وروايتها "ويبك" وفي نسخة "ويحك" وفي الأصل "وتيك".
(٩) تعظمت وفي التاج والأساس تعففت.
(١٠) طال وتأخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>