للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألم تَرَ أني كما جِئتُ طارقًا ... وجدتُ لها طِيبا وإن لم تَطَيَّبِ

هكذا أنشده الفَرَّاء. وبعضهم يُنشد ألم ترِياني (١). وأنشد أيضًا (٢):

فقلتُ لصاحبي لا تحْبِسانا ... بنَزْع أصوله واجْتزَّ شِيحا

فهذا كله يدل على أن الخروج من مخاطبة الواحد إلى الاثنين ومن مخاطبة الاثنين إلى الواحد شائع عند الفصحاء. وهل أجيءُ في جماعة من جهابذة الأدباء قَصَرَتْ أعمالهم عن دخول الجنة ولحقهم عفوُ الله فزُحزحوا عن النَّار فنَقِفَ على باب [١٣] الجنة فنقول يَا رِضْوَ (٣) لنا إليك حاجة ويقول بعضنا يَا رِضْوُ فيضمّ الواو. فيقول رضوانُ ما هذه المخاطبة التي ما خاطبني بها قبلكم أحد. فيقولَ إنَّا كنا في الدار الأولى نتكلم بكلام العرب وأنهم يُرخّمون الذي في آخره أَلْف ونون فيحذفونهما للترخيم. وللعرب في ذلك لغتان يختلف حُكماهما. قال أبو زُبيد (٤):

يَا عُثْمَ! أدركني فإنَّ رَكِيَّتي ... صَلَدَتْ فأعيتْ أن تَفيض بمائها

فيقول رضوان ما حاجتكم؟ فيقول بعضنا إنَّا لم نَصل إلى دخول الجنة لتقصير الأعمال وأدْرَكَنا عفوُ الله فنجونا من النَّار. فبقينا بين الدارَين ونحن نسألك أن تكون واسطتنا إلى أهل الجنة فإنهم لا يستغنونَ عن مثلنا. وإنه قبيح بالعبد المؤمن أن يَنال


(١) وهي الموجودة في نسخ الديوان المتداولة.
(٢) البيت أنشده التبريزي ١: ٢٢٥ والرضي ٣٦٦ والجوهري مادة جز وابن فارس في الصاحبي ١٨٦ والتبريزي في شرح القصائد العشر الطوال ١ كلكتة وتكلما على المبحث تكلما شافيًا كالنحاس في شرح معلقة امرئ القيس ص ٣ و ٤. وهو ليزيد بن الطثرية ويروى واجدز بإبدال التاء دالًا خلافًا للقياس والمعنى قلت لصاحبي لا تحبسني بنزع أصول الكلأ واقطع شيحًا ودع أصوله في الأرض لئلا يطول المكث هنا كذا في الجار بردي ٣٢٨ استنبول.
(٣) وزن قوله هذا بقوله من اللزوم:
أفهم أخاك بما تشاء ولا تبل ... يا حار قلت هناك أو يا حارُ
غرض الفتى الإخبار عما عنده ... ومن الرجال بقوله شحار
وقوله: يا رضو لا أرجو لقاءك ... بل أخاف لقاء مالك
(٤) وفي الأصل أبو زيد ويا غنم. يريد عثمان رضي الله عنه وكان أبو زبيد خصيصًا به كما قال ابن عساكر في ترجمته ٤/ ١٠٨ إلَّا أنَّه قلب فجعل الابن أَبا وبالعكس وهو منذر بن حرملة. ولم أجد البيت الشهد فيما وصلته يدي. وصلدت من باب ضرب. والمعنى ظاهر. ثم وجدته والحمد لله على ما أصلحت في كتاب صفة البئر لابن الأعرابي إلَّا أن فيه تبض بدل تفيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>