للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه النعَمَ وهو إذا سبّحَ الله لَحَنَ. ولا يحسُنُ بساكن الجنان أن يصيبَ من ثِمارها في الخلود وهو لا يعرف حقائق تسميتها. ولعل في الفردوس قومًا لا يدرون [١٤] أحروف الكُمَّثْرَى كلها أصلية أم بعضها زوائد؟ ولو قيل لهم ما وزن كمّثرى على مذهب أهل التصريف لم يعرفوا فعَّلَّى. وهذا بناء مستنكر لم يذكر سيبويه له نظيرًا. وإذا صحّ قولهم للواحدة كمَّثراة فألف كمّثرَى ليست للتأنيث. وزعم بعض أهل اللغة أن الكَمثرَةَ (١) تداخُلُ الشيء بعضِه في بعض. فإن صحّ هذا فمنه اشتقاق الكمثرى (٢). وما يجْمُل بالرجل من الصالحين أن يصيب من سَفَرْجَل الجنة [١٥] وهو لا يعلم كيف تصغيره وجمعُه؟ ولا يشْعُرُ إن كان يجوز (٣) أن يُشتق منه فعل أم لا؟ والأفعال لا تُشتق من الخُماسيّة. لأنهم نقصوها عن مرتبة الأسماء فلم يَبْلُغوا بها بناتِ الخمسة. مثل إسْفَرْجَل يَسْفَرْجِل اسفرجالا وهذا السُنْدُس (٤) الذي يطأه [١٦] المؤمنون وَيفْرشونه كم فيهم من رجل لا يدري أوزنه فعْلل أم فُعْلُلُ؟ والذي نعتقد فيه أن النُّون زائدة وأنه من السُدُوس (٥) وهو الطيلسان الأخضر قال العَبْدِيّ (٦):

ودوايتُها حتَّى شَتَتْ حَبشيَّةً ... كانَ عليها سُنْدُسًا وسُدُوسًا

ولا يمتنع أن يكون سندس فُعْلُلًا ولكن الاشتقاق يوجب ما ذُكر. وشجرةُ [١٧] طُوْبى كيف يستظلّ بها المتقون ويجتنونها آخر الأبد وفيهم كثير لا يعرفون أمن ذوات الواو هي أم من ذوات الياء؟ والذي نذهب إليه إذا حملناها على الاشتقاق أنها من


(١) ولفظ اللسان الكمثرة فعل ممات وهو تداخل الشيء بعضه في بعض. وقيل أن الكمثرى ليست بعربية وراجع التاج. وذكره الجواليقي ١٣٣ مخففًا ونقل عن أبي حاتم أن قومًا يزعمون أنَّه لا يجوز غير التَّخفيف. قال وأما الأصمعيّ فإنَّه لم يعرف التَّخفيف أصلًا. ولم يذكر في تعريبه شيئًا.
(٢) هذا قول ابن دريد ولفظه.
(٣) وفي نسخة أن يجوز.
(٤) رقيق الديباج وغليظه الاستبرق. قال الجواليقي ٧٩ لم يختلف أهل اللغة في أنَّه معرب ومثله في القاموس والتاج.
(٥) بالضم وقد يفتح وهو أحد الأسماء الأربعة التي أتت على فعول بالضم كما قال ابن خالويه في ليس له ٤٠.
(٦) هو يزيد بن خذاف بالمعجمات الثلاث. وفي التاج وغيره حذاق بالحاء المهملة وهو تصحيف. من شعراء المفضليات (مصر ٢: ٤٦ و ٤٧) والبيت ثاني أحد عشر بيتًا والأول:
ألا هل أتاها أن شكة حازم ... لديّ وأني قد صنعت الشموسا
صنعت يريد ضمرت وكذلك داويت. والشموس فرسه. وشتت أخضرت من العشب وسمنت.

<<  <  ج: ص:  >  >>