للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الفُعلى التي تؤخذ من أفعل منك لا تُستعمل إلَّا بالألف والسلام أو الإِضافة تقول هذا أصغر منك فإذا رددته إلى المؤنّث قلتَ هذه الصُغرى أو صُغرى بَناتك. ويقْبُح عنده أن يقال صغرى بغير إضافة ولا أَلْف ولام (١) وقال سُحيم (٢):

ذهبنَ بمِسْواكي وغادرن مُذهَبًا ... من الصَوْغ في صُغرى بَنانِ شماليا

وقرأ بعض القراء [البقرة ٨٣]: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنَى} على فُعْلى بغير تنوين. وكذا قرأ في الكهف [الكهف ٨٦]: {إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنَى} على فُعلى بغير تنوين. فذهب سعيد بن مَسْعدة أن ذلك خطأ لا يجوز وهو رأي أبي إسحاق الزَجّاج لأن الحسنى عندهما وعند غيرهما من أهل البصرة يجب أن تكون بالألف والسلام كما جاء في موضعٍ [الليل: ٩] {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى}. وكذلك اليُسرى والعُسرى لأنها أُنثى أفعل منك. وقد زعم سيبويه أن أخرى معدولة عن الألف والسلام. ولا يمتنع أن يكون حُسنى مثلَها. وفي الكتاب العزيز [النجم ٢٠] {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} وفيه: [طه ٢٣] {لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى}. قال عمر بن أبي ربيعة (٣):

وأخرى أتَتْ من دون نعْمٍ ومثلها ... نَهى ذا النهي لو يَرْعوي أو يُفَكّرُ

فلا يمتنع أن تعْدَلَ حُسنى عن الألف والسلام كما عُدِلتْ أُخرى. وأفعل منك إذا خذفَتْ منه "من" بقي على إرادتها نكرة أو عُرّف باللام. ولا يجوز أن يجمع بين مِنْ وبين حرف التعريف. والذين يشربون ماء الحَيوان في النعيم المقيم هل [١٨] يعلمون ما هذه الواو التي بعد الياء (٤) وهل هي منقلبة كما قال الخليل؟ أم هي على الأصل كما قال غيره من أهل العلم. ومَنْ هو مع الخور العِين مخلَّدًا هل يدري [١٩]


(١) ولكني رأيت صاحبنا خالفه في اللزوم حيث يقول:
ومرآة المنجم وهي صغرى ... أرته كل عامرة وقفر.
فكان كالحكمي في قوله:
كأن صغرى وكبرى من فواقعها ... حصباء در على أرض من الذهب
(٢) عبد بني الحسحاس الخبيث الفاجر من يائيته المعروفة ولم أجد البيت فيما نقلوا من قصيدته - والمعنى ظاهر- وكان ابن الأعرابي يسميها الديباج الخسرواني. وهي يتمامها في نسخة منتهى الطلب لابن ميمون الخطية في بعض حواضر أوربا.
(٣) من أشهر قصائده وهي في نسخ ديوانه وفي الكتاب الكامل وغيره.
(٤) مذهب سيبويه وأصحابه أنَّه لم يأت في كلامهم ياء بعدها واو فيقولون أن حيوان أصله حيبان والمازني يرى الواو فيه أصلًا كما هو في شروح الشافية بحث الإعلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>