(٥٤) بدائع البدائة بهامش المعاهد ٢: ١١٤ والوفيات ١: ٢٣٣ واليافعي ٧٠: ٣ قال القاضي أبو الطّيب الطبري كتبت إلى أبي العلاء المعري حين وافى بغداد:
وما ذات در لا يحل لحالب ... تناوله واللحم منها محلل
لمن شاء في الحالين حيا وميتا ... ومن شاء شرب الدر فهو مضلل
إذا طعنت في السنن فاللحم طيب ... وآكله عند الجميع معقل
وخرفانها للأكل فيها كزازة ... فما لحصيف الراي فيهن مأكل
وما يجتني معناه إلَّا مبرز ... عليم بأسرار القلوب محصل
فأجابني وأملى على الرسول في الحال ارتجالا:
جوابان عن هذا السؤال كلاهما ... صواب وبعض القائلين مضلل
فمن ظنه كرما فليس بكاذب ... ومن ظنله نخلا فليس يجهل
لحهومهما الأعناب والرطب الذي ... هو الحل- والدر الرحيق المسلسل
ولكن ثمار النخل وهي غضيضة ... تمر وغض الكرم يجنى ويؤكل
يكلفني القاضي الجليل مسائلًا ... هي النجم قدرًا بل أعز وأطول
ولو لم أحب عنها لكنت بجهلها ... جديرًا ولكن من يودك مقبل
فأجبته عنه وقلت:
أثار ضميري من يعز نظيره ... من النَّاس طرا سابغ الفضل مكمل
ومن قلبه كل العلوم بأسرها ... وخاطره في حدة النار يشعل
تساوى له سر المعاني وجهرها ... ومعضلها باد لديه مفصل
ولما أثار الحب قاد صنيعه ... أسيرًا بأنواع البيان يكبل
وقربه من كل فهم بكشفه ... وإيضاحه حتَّى رآه المغفل
وأعجب منه نظمه الدر مسرعا ... ومرتجلًا من غير ما يتمهل
فيخرج من بحر ويسمو مكانه ... جلالا إلى حيث الكواكب تنزل
فهنأه الله الكريم بفضله ... محاسنه والعمر منها مطول
فأجاب مرتجلًا وأملى على الرسول:
ألا أيها القاضي الذي بدهائه ... سيوف على أهل الضلال تسلل
فؤادك معمور من العلم آهل ... وجدك في كل المسائل مقبل