للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو محمد (١): لما كبر وخَرِف وأدرك الإِسلام فقال قوم أسلم وقال قوم لم يسلم منعه قومه ذلك. قال أبو محمد جمع بين بنيه فقال (٢):

ألا أبلغ بَنِي بَنِيَّ ربيع ... فأشرارُ البنين لهم فداء

بأني قد كَبِرتُ ودَقّ عظمي ... فلا يَشْغُلكم عني الحَياء

وأن كِنانتي لنساء صدق ... وأني لا أسَرّ ولا أساء

إذا جاء الشتاء فدَثّروني ... فإن الشيخ يَهْدِمه الشتاء

وإن دَفع الهواجرُ كُلَّ قُرَّ ... فسربالٌ خفيف أو رداء

[إذا عاش الفتى مائتين عامًا ... فقد أودَى المسرّة والفَتاء]

ثم قال: يا بَنِي اجمعوا إليَّ بني ذبيان. ثم قال: يا بني بني فزارةَ بن ذبيان مَن أعزّكم؟ قالوا أنت يا أبا سالم. قال إن لكم أن تدوسوا عزكم عليكم بأرجلكم فذلك أرفع قدره (؟ لقدره) عندكم. يا بني ذبيان آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع: آمركم بالحلم فإِنه يُحْسن المعاشرة، والجودِ فإنه يزرع المودّةَ. وآمر بالحفظ لبعضكم بعضًا يهابكم الناس الأباعدُ. وآمركم بالعلم فإنه زَين ومحبَّة في قلوب العالم. وأنهاكم عن السفه فإنه باب النَدَم ومنزل الذُل، وأنهاكم عن البُخل فإِنه سُلَّم السباب (٣)، وأنهاكم عن التخاذُل فإنه آفة العزّ، وأنهاكم عن الجهل فإنه رزيّة ومَهلكة، واسألوا عما جهلتم فإن السؤال هُدىً وفي الصمت عن الجهل عَميَّ، ولا تستصغروا مَن لا تعرفونه، ولا تحسُدوا من لا تدركونه، ولا تحمدوا غيرَ كريم، ولا تُبَجِّلوا (٤) غير شريف، ولا تُفْضِلوا على غير محتاج فيذهب فضلكم هَباءً، ولا تمنعوا السائل فإن منعه مَقْت، ولا غيبة (؟) فإِنها قرض مردود ولا سيما أنها تعقب. يا بني ذبيان اجعلوا قبري علمًا فإِنْ (٥) قذمت في الناس خيرًا فإِنه شأن وذِكر حسن وتركت فخرًا للبنين، ولو قَدَّمت سيئًا أمرتُكم أن تُخفوه فإنه عَلَمُ السَبّ. احفظوا قولي فإنه مقامي فيكم ورأي. وأنشأ يقول:


(١) ونقل هذا صاحب الإصابة عن ابن هشام.
(٢) الأبيات في كتاب المعمرين طبع مصر ص ٧، والقالي ٣: ٢٢٠، وأمالى المرتضي ١: ١٨٤ والخزانة للبغدادي ٣: ٣٠٦ - ومنها زدنا البيت السادس هنا.
(٣) في الأصل السبب ولعله جمع سبة.
(٤) في الأصل تبخلوا.
(٥) في الأصل فاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>