للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجعل بنو عبس وذبيان أمرهم إلى حكم الرُبيع بن ضبع. فقام الرُبيع بعكاظ بين عبس وذبيان خطيبًا فقال: أيها الناس، أصاب الإِياس، وأخطانا القياس، وبين الحقّ والباطل التباس. أيها الناس، من عَبَرَ غَبَرَ، وكل عِثار جُبار، وكل قائت مظلوم. يا بني ذبيان، الخير والشر على اللسان، والنجاة فيِ البيان. يا بني ذبيان، داروا الحروب فإِنها تذلّ. يا بني ذبيان، طلب الثأر ضالَّة الأشرار، ومن إلف الأغمار وهلاك الأخيار. أخوكم عبس، وعدوّكم أمس، فطِلاب أمس الذاهب هلاك عند المقبل. هلا سألتم عن الأحقاد طَسما وجَديسا؟ اعلموا أن كل ذاكر لَناسِ، وكل مقيم لظَاعنٌ، وكل ثابت زائل، وبين الأموات موت الأحياء، والسرعة إلى الآجل ذهاب العاجل، والذلُّ (١) غنيمة الظالم. وقال:

على حَرَج يا عبس أضحى أخوكُم ... وبَتَّ على أمر بغير جَناح

عقاب حروب الأقربين وإنه ... ليأتي افتلاتًا وجه كل صباح

أخاك أخاك! إن من لا أخًا له ... كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاح (٢)

وإن ابن عمّ المرء فاعلم جَناحهُ ... وهل ينهض البازي بغير جَناح

لنا عظةٌ في الذاهبين وعِبرة ... تفيد ذوي الألباب أمرَ صلاح

ألم تعلموا ما حاول الصعب مُدَّة ... وما صبَّح الساعي وآل رِزاح

فهل بعد ذي القرنين مَلْكٌ مخلَّد ... وهل بعد ذي المُلكين يومُ فلاح

تَريش له الأطيارُ عند غُدوّه ... وتَجنح إن أومَى لها برواح

فاصطلحوا على حكمه

قال أبو محمد: قال أبو مِخْنَف عن يحمل (؟ يحمد) بن زياد النَخَعيّ أنه سار عمر بن الخطاب في الشام في خلافته سار بعلي بن أبي طالب من المدينة إلى الشام فلما بلغ إلى الشام وعبر وادي الأزدِّيين قال: قاتل الله الرُبيع بن ضبع حيث يقول: وكم غمرة ماجت .. الأبيات الثلاثة التي تقدمت في ص ٢٢٢ إلا أن البيت الثالث هنا "وإلَّا فنفس أو بستْ الخ" فزاد علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عليه بيتًا فقال:

وما جُزتُ وادي الأزديين (٣) تطرُّبًا ... ولكن أمورٌ وُكّلت بي فَحلّت


(١) في الأصل اوم الذيل.
(٢) هذا البيت والذي يتلوه عزاهما البحتري إلى قيس بن عاصم المنقري ويرويان لمسكين الدارمي أيضًا.
(٣) خفف ياء النسبة كالأشعرين في الجمع والنسبة إلى الأشعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>