للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهذا الكتاب ذكرًا فقال كيف يسقط ذكر هذا الكتاب عن الفهرست. فقلت يا أمير المؤمنين هذا هو كتاب ذوبان وقد كتبت بعضه. قال فأتَين به الساعة فوجهت في حمله فوافاه الرسول وقد نهض للصلاة فلما رآني مقبلًا والكتاب معي انحرف عن القبلة وأخذ يقرأ الكتاب (١) فلما فرغ من فصل قال لا إله إلَّا الله فلما طال (٢) ذلك قلت يا أمير المؤمنين الصلاة تفوت وهذا لا يفوت فقال صدقت ولكن أخاف السهو في صلاتي لاشتغال قلبي به (٣) ثم صلى وعاود قراءته ثم قال أين تمامه؟ قلت لم يدفعه إليّ فقال لولا أن العهد حبل طرفه بيد الله وطرفه (الآخر) بيدي لأخذته منه فهذا والله الحكمة لا ما نحن فيه من ليّ ألسنتنا في فجوات أشداقنا.

قال الأستاذ أبو علي أحمد بن مسكويه: (أدام الله علوّه) فهذا آخر كتاب أوشهنج وخبره مع ذوبان وقد سمعت شغف المأمون به وبخل الناس بما تضمنه وستسمع مما أضفناه إليه ما لا يخفي زيادة حسنه عليه من قرائح الحكماء ونتائج أفكارهم واتفاقهم مع تباعد أقطارهم.

وأبدأ بكلام أفتتح بذلك دفائن الحكماء وأسرارهم وأغراضهم لتؤمه بقريحتك وتسلك طريقه حتى يؤديك إلى مقصدك ولا تعدل عنه فتضل وتقع في التيه الذي لا آخر له فإن الطريق إذا كان قصدًا قرب الوصول منه إلى الغرض الأقصى وإذا كان غير قصد فكلما زاد إمعانًا فيه ازداد من غرضه بُعدًا، وأسأل الله الذي بيده مفاتح الخيرات العصمة والتوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل.

فأقول كل إنسان يحب نفسه وكل من أحب شيئًا أحب أن يحسن إليه فليت شعري عمن لا يعرف نفسه كيف يحسن إليها ومن لا يعرف طريق الإِحسان كيف يسلكه. ولقد سمعت وزيرًا من وزراء عصرنا وقد أقام لنفسه وظيفة استقر فيها طباخه وصاحب شرابه وزيّن مجلسه كل يوم بريحان الوقت وفاكهته وأحضر اليوم الذي دعاني


(١) ت وكلما فرغ الخ.
(٢) ت طال عليه قعد وجعل يقرأه فقلت الصلوة الخ.
(٣) ت بلذيذ ما في هذا الكتاب وما أجد للسهو حائلًا إلا ذكرت الموت وجعل يقرأ "إنك ميت وأنتم ميتون" ثم وضع الكتاب وقام وكبّر فلما فرغ من صلاته نظر فيه حتى أتى [على] آخره ثم قال فأين تمامه الخ قال ابن سهل وهذا صدر الكتاب من الله المبتدا وإليه المنتهى إلى آخر ما يوجد من الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>