للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أبي عمر كما قد عرفت فلعل هذا الداء سرى إليه من شيخه ولعل إعجابه به حمله على تسليم رأيه في معاصر له وقد تقرر عند المحدثين وهم أصحاب هذا الشأن وفرسان هذا الميدان إن المعاصرين والأقران لا يعبأ يقول بعضهم في بعض ولئن جنحنا لذلك لم يسلم لنا أحد ولا أبو بكر بن دريد نفسه فهذا نفطويه وصاحبه أبو منصور (١) الأزهري يرميان أبا بكر بكل سوأة سوآء وحسب أبي عمر بتوثيق (٢) أصحاب الحديث له بلا خلاف فقد رووا أن المحدثين كانوا يوثقونه وقال الخطيب البغدادي رأيت جميع شيوخنا يوثقونه ويصدقونه:

إذا رضيت عليّ بنو قشير ... لعمر الله أعجبني رضاها

وأما أصل الخواج (٣) فقال أبو علي الحاتمي أخرجنا في أمالي (أبي موسى) الحامض عن ثعلب عن ابن الأعرابي الخواج الجوع. ونقل الذهبي عن رئيس الرؤساء قال قد رأيت أشياء كثيرةً على أبي عمر ونسب إلى الكذب فيها مدونة في كتب أئمة العلم وخاصة في غريب المصنف لأبي عبيد أو كما قال. والأصل في ذلك أن رواة الكوفة معروفون بسعة الاطلاع وغزارة المادة ووفرة الرواية وبالتسامح في أمر التحفظ خلافًا للبصريين الذين قلت روايتهم لتثبتهم وعدم مسامحتهم. فقد صدق ما قاله تلميذ أبي عمر أبو القاسم عبد الواحد بن بَرهان الأسدي فيه: "لم يتكلم في اللغة أحد من الأولين والآخرين بأحسن من كلام أبي عمر الزاهد".

وفاته: وُلد بلا خلاف سنة ٢٦١ هـ وعن ابن رزقويه تلميذه أنه توفي سنة ٣٤٤ هـ قال الخطيب والصحيح أنه توفي يوم الأحد (ودفن يوم الإثنين) لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة ٣٤٥ هـ وذلك في خلافة المطيع ودُفن في الصفة التي تقابل قبر معروف الكرخي وبينهما عرض الطريق ولعل سبب إبطائهم بنعشه إلى


(١) قال في مقدمة تهذيبه (أدبا ٦: ٤٨٦ والمزهر ١: ١٥٨) وممن ألف الكتب في زماننا فرمى بافتعال العربية وتوليد الألفاظ وإدخال ما ليس من كلام العرب في كلامها أبو بكر بن دريد وقد سألت عنه إبراهيم من غرفة يعني نفطويه فلم يعبأ به ولم يوثقه في روايته الخ.
(٢) قال ابن جني في الخصائص (المزهر: ٢: ٢٦٢) ولله أبو العباس أحمد بن يحيى وتقدمه في نفوس أصحاب الحديث ثقة وأمانة وعصمة وحصانة وهم عيار هذا الآن وأساس هذا البنيان.
(٣) الكلمة أغفلها صاحبا اللسان والتاج فلتستدرك عليهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>