للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْدَى أكفّهُم بخير فاضل ... إذا سمت (كذا) أكف الخُيّب

أراد أكف المخيِّبين.

أعلم أنهم يعلّقون المعنى من الشيء إلى الشيء هو معه أو فيه (١) كقول الأعشى:

حتى إذا احتدمَتْ وصار ... الجمرُ مثلَ ترابها

يريد صار ترابها مثلَ الجمر مِن الحر. وقال آخر (٢):

كأنَّ لونَ أرضِهِ سماؤهُ

يريد كأن لون سمائه من غُبرتها لونُ الأرض. وقال امرؤٌ القيس:

يضيء الفِراشَ وجهُها لضجيعها ... كمباح زيت في قناديل ذُبّال

أراد في ذُبال قناديل والذبال القناديل (٣) الواحدَة ذُبالة.

باب

أعلم أن العرب ربما أرادت أن تذكر الشيء من جسد الإنسان فتجمعه بما حوله (٤). فمن ذلك:

قولهم: امرأة ضخمة الأوراك، وإنما لها وَرِكان. وامرأة حسنة اللَبّات، يريدون اللَبة وما حولها. قال ذو الرمة (٥):

بَرَّاقةُ الجيد واللَبَّات واضحةٌ ... كأنها ظبية أفضى بها لَبَبٌ

ومنه قولهم: ألقاه في لَهَوات الأسد وإنما له لهاة واحدة.

وقولهم: قد شابت مَفارق فلان، وإنما له مَفْرِق واحد. قال الأعشى:


(١) هذه الكلمة غير ظاهرة في الأصل.
(٢) هو رؤية انظر ديوانه ص ١ وأمالي المرتضى ١: ١٥٥ والأشباه ١: ٢٩٤. وصدره على ما هو المعروف:
ومهمهٍ مغبرّة أرجاؤه
وفي الديوان والإنصاف ٢١٥: وبلد عامية أعماؤه.
(٣) كذا وهو قول غريب على أنه لا معنى للقلب إذا كانت الذبال هي القناديل والمعروف أن الذبالة هي الفتيلة التي يُصْبَح بها السراج وبه فسّر بيت امرئ القيس.
(٤) التثنية والجمع على إرادة الأطراف ليسا مما يختص بجسد الإنسان بل هما شائعان في أسماء البقاع وانظر البحث عند السهيلي ١: ٩٥ و ١٢٥.
(٥) انظر القصيدة بآخر جمهرة أشعار العرب وبديوانه ص ٣. وأفضى بها صار بها إلى فضاء وهو الخالي من الأرض. واللبب منقطع الرمل ومشرفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>