للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطيب المسك قال الأعشى (١)

أحَلَّ به الشيبُ أثقالهُ ... وما اغترّه الشيبُ إلا غِرار (٢)

وقوم يقولون معناه أن نظن إلا منكم أيها الداعون لنا تظنون أن الذي تدعو (؟) إليه ظنّ منكم (٣) وما نحن بمستيقنين أنكم على يقين. وكلا القولين حسن وأكثر التفسير على الأوّل. وقالوا في قوله:

وما اغترّه الشيب إلا غِرارًا

أي إلا لاغتراره ونصبه للمصدر الذي هو مضاف إليه والفعل للشيب كما أن نظن ناصبة للمصدر المضاف إلى ما يخاطبونه.

وقوله تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيهَا مَا اكْتَسَبَتْ} لمعنى واحد: كقولك نظرته وانتظرته، وقدرت عليه واقتدرت عليه، وحفظت واحتفظت، وجرح واجترح من الكسب كقوله تعالى (٥: ٦) {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} أي الكواسب ويقال فلان جارحُ أهلِه أي كاسبهم، وفلوتُ الفَلُوّ وأفتليتهُ عن أُمِّه. قال الأعشى (٤):

مُلْمِعٍ لاعةِ الفؤاد إلى جَحْـ ... ـش فلاه عنها فبئس الفالي (٥)

ويقال رجل هاعٌ لاع وامرأة لاعة إذا كانت مضطرِبةَ الفؤاد على نهاية الهَلَع وإنما وصف بهذا أتانًا، ومثله سرقه واسترقه ومثله (٢: ١٩) {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ} في معنى يختطف.


(١) من كلمة له بعضها في الخزانة ١: ٥٧٥ و ٢: ٣٠.
(٢) في الخزانة: أحلّ له الشيب ... إلَّا اغترارًا. وكان في الأصل وحلَّ به ولعله تصحيف. وإلا غِرارًا مصدر من غير لفظ اغترَّة أي مُغارَّة.
(٣) المعنى ظاهر وفي العبارة قلق ولعل أصلها "لنا نظن أن الذي تدعوننا إليه الخ" وهذا التخريج ذكره أبو حيان بقوله: وقدّره بعضهم أن نظن إلَّا أنكم تظنون ظنًّا. قال وإنما احتيج إلى هذا التقدير لأنه لا يجوز في الكلام ما ضربت إلا ضربًا فاهتدى إلى هذه القاعدة النحوية وأخطأ في التخريج وهو محكى عن المبرد ولعله لا يصح.
(٤) يوجد البيت في الكامل مصر ١: ٦٧ وكتاب مَسائية لأبي زيد ٢٣٦ واللسان (لوع) من كلمة له معروفة مسرودة في جمهرة الأشعار.
(٥) ملمع أتان رافعة ذنبها للفحل تُريد أنها لاقح. وفلاه فطمه والفاطم الحمار المذكور في بيت سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>