للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

همُ يطعُنون صدورَ الكمُا ... ة والخيل تُطْرَد أو طارده

فإن يكن الموت أفناهم ... فللموت ما تلد الوالدة (١)

أي إن هذا مصيرهم.

ومما جاء في القرآن على هيأتين في الاستفهام فوقع مع أحدهما التبيين ولم يقع على (كذا) الآخر على أن يخرج الاستفهام فيهما جميعًا مخرج التقرير والتعظيم قوله تعالى {وَمَا أَدْرَاكَ} {وَمَا يُدْرِيكَ} مما كان من قوله يدريك بغير مبيِّن ما هو في القرآن (٢)، وأكثر ما جاء في قوله (١٠١: ١٠) {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ - ثم قال- نَارٌ حَامِيَةٌ} وقال (٦٩: ١٧) (وما أدراك ما يوم الدين - ثم قال - يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيئًا} وقال (١٠١: ٣) {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (٣) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ} الآية وقال (١٠٤: ٥) {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ} {وَمَا أَدْرَاكَ (٣)} الآية وقال (٧٤: ٢٧) {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (٢٧) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ} ثم قال في الحاقة (٦٩: ٣) {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ} ولم يقع بعد ذلك تفسير ومجاز هذا عند أهل النظر حذف الخبر لعلم المخاطب يريد تعظيم الأمر كقولك: لو رأيت فلانًا وفي يده السيف. أي لرأيت بارعًا فاستغنى عن ذلك، ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه استسقى على المنبر فسقي فقال (٤): يا أبا طالباهْ لو رأيتَ ابن أخيك إذ تقول:

وأبيضَ (٥) يُسْتَسْقى الغمامُ بوجهه


(١) هذا المصراع يوجد في شعر عدّة من الشعراء كعَبيد بن الأبرص (القالي الثانية ٣: ١٩٥) وراجع الخزانة.
(٢) المعنى واضح ولكن العبارة قلقة. يريد أن "ما يدريك" وقع في كلّ الأماكن في القرآن بدون الجواب كما أن "ما أدراك" يتبعه جواب إلا قليلًا.
(٣) بياض في الأصل وهاك سائر الآيات التي وقع فيها ما أدراك (٧٧: ١٤) "وما أدراك ما يوم الفصل" (٨٣: ٩) وما أدواك ما سجّين (٨٣: ١٩) وما أدراك ما عِلِّيُّونَ (٨٦: ٢) وما أدراك ما الطارق (٩٠: ١٢) وما أدراك ما العقبة، (٩٧: ٢) {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيلَةُ الْقَدْرِ}. وكل هذه المظانّ وقع فيها التفسير بعد ما أدراك.
(٤) الحديث رواه ابن هشام في السيرة بتغيير يسير بهامش الروض ١: ١٧٩ وطبعة ووستنفلد ١٧٧. وجواب لو (لَسَرَّه) مذكور هناك.
(٥) بالنصب عطفًا على سيّدًا المنصوب في البيت المتقدّم:
وما تركُ قوم لا أبا لك سيّدا ... يحوط الذِمارَ غيرَ ذَرْب مُواكِل =

<<  <  ج: ص:  >  >>