للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتربية لأن يَدَهُ يَدُهُ، وسواء في ذلك القنُ والمدبر والمعلق عتقُهُ وأُمُّ الولد وكذا المكاتَبُ على المشهور.

وَلَو الْتَقَطَ صَبِيٌّ أَوْ فَاسِقٌ أَو مَحْجُورٌ عَلَيهِ أَو كَافِرٌ مُسْلِمًا انْتُزِعَ مِنْهُ، لعدم أهلية الصبيّ والمجنون والمحجور عليه أي بِسَفَهٍ وتهمةُ الفاسقِ وعدمُ ولاية الكافر، نعم له التقاطُ الكافر، لأنه أهل لحضانته. وقيَّدَ ابن الرفعة الفاسق بالَّذي يَخْشَى منه استرقاقُهُ؛ وتبعَ الماورديُّ في ذلك (٢٢٣).

فَصْلٌ: وَلَو ازْدَحَمَ اثنَانِ عَلَى أخْذِهِ، أي فقال كُلُّ واحدٍ أنا آخُذُهُ، جَعَلَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ مَن يَرَاهُ مِنْهُمَا أَو مِن غَيرِهِمَا، لأنه لا حَقَّ لهما قبل الأخد، وَإِنْ سَبقَ وَاحِدٌ فَالْتقَطَهُ مُنِعَ الآخَرُ مِنْ مُزَاحَمَتِهِ، عملًا بالسبق. وهل يثبت السَّبْقُ بالوقوف على رأسه من غير أخذ؟ فيه وجهان؛ أصَحُّهُمَا: لَا، وَإِنِ الْتَقَطَاهُ مَعًا وَهُمَا أهْلٌ، أي للحضانة، فَالأصَحُّ: أنَّهُ يُقَدَّمُ غَنِيٌّ عَلَى فَقِيرٍ، لأنه أرفقُ بالطفل فربما يواسيه بماله، وبه جزم القاضي حسين وأبو الطيب وابن الصباغ، والثاني: يستويان؛ لأنَّ


(٢٢٣) أدِلَّةُ أَنْ رِعَايَةَ اللَّقِيطِ مِن مَسْؤُولِيَّاتِ الأَمِيرِ العَامِّ أو الْخَلِيفَةِ، وَالْوَلَاءُ لِمَن يُشْرِفُ عَلَى هَذِهِ الرِّعَايةِ:
* عن ابن شهاب عن سُنَينٍ أَبِي جَمِيلَةَ -رَجُلٌ مِن بَنِي سُلَيمٍ- أَنَّهُ وَجَدَ مَنْبُوْذًا فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - فَأَخَذَهُ. قَال: فَذَكَرَ ذَلِكَ عَرِيفِي. أَوْ جَاءَ بهِ إِلَيهِ؛ فَقَال عُمَرُ: (عَسَى الغُوَيرُ أَبُوْسًا "مثل يقال عند التهمة" مَا حَمَلَكَ عَلَى أَخذِ هَذِهِ النَّسَمَةِ؟ ) قَال: قُلْتُ: وَجَدْتُهَا ضَائِعَةٌ فَأَخَدْتُهَا؛ فَقَال عَرِيفِي: إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ. قَال: (كَذَلِكَ) قَال: نَعَمْ. قَال: (فَاذهَبْ بِهِ فَهُوَ حُرٌّ؛ وَلَكَ وَلَاؤُهُ، وَعَلَينَا نَفَقَتُهُ).
رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب اللقطة: باب التقاط المنبوذ: الأثر (١٢٣٧٤).
* عن أبي هريرة - رضي الله عنه -؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بالمُؤمِنِينَ فِي كِتَابِ اللهِ، فَأَيُّكُمْ مَا تَرَكَ دَينًا أَوْ ضَيعَةً فَادْعُوْنِي، فَإِنِّي وَليُّهُ، وَأَيُّكُمْ مَا تَرَكَ مَالًا فَلْيُؤثِرْ بِمَالِهِ عُصَبَتهُ مَنْ كَانَ]. رواه مسلم في الصحيح: كتاب الفرائض: باب من ترك مالًا فلورثته: الحديث (١٦/ ١٦١٩). والبيهقي في السنن: كتاب اللقطة: الحديث (١٢٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>