للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفقيرَ (•) أهلٌ كالغنيِّ؛ ونسبَهُ المتولي إلى سائر الأصحاب، والأصحُّ من زوائد الروضة: أنَّه لا يقدم بأكثرهما غنىً، وَعَدْلٌ عَلَى مَسْتُورٍ، احتياطًا للصبيِّ، والثاني: هما سواء، لأنَّ المستور لا يسلم مزية الآخر؛ ويقول: لا أترُكُ حقّي بأن لم تعرفوا حالي، فَإِنِ اسْتَوَيَا، أي في الصفات وتشاحَّا، أُقْرِعَ، لأنه ليس أحدهما أَوْلى من الآخر؛ وقد كانت القرعة في الكفالةِ في شَرْع مَنْ قَبْلِنَا في قِصَّةِ مريم قال تعالى: {يُلْقُوْنَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَريمَ ... } (٢٢٤) أي اقترعت الأحبارُ على كفالتها بإلقاءِ أقلامِهِمْ أَيُّهُمْ يكفلُ مريمَ ولم يردْ في شرعِنا ما يخالفهُ، ومن الصفات المتقدمة أنْ يكونَ مَحِلُّ إقامَةِ أحدِهِمَا أرفَقَ بالطفلِ مِن مَحِلِّ الآخَرِ. وَالْحُرِّيُّةُ؛ فَالْحُرُّ أَوْلى من المكاتَبِ وإنِ التقطَ بإذن سَيِّدِهِ وَصَحَّحْنَاهُ، والأصحُّ خلافهُ ويتساوى المسلمُ والذميُّ في اللقيط المحكوم بكفره على الأصحِّ، واحزز بقوله أولًا (وَهُمَا أَهْلٌ) عمّا إذا كان أحدُهُمَا أهلًا فإنه يُقَدَّمُ على الآخر، والمرادُ بالحضانة هنا حِفْطهُ وَحِفْظُ مَالِهِ وَتَرْبِيَتُهُ لَا الأعْمَالُ المتقدِّمَةُ في الإِجَارَةِ.

فَصْل: وَإِذَا وَجَدَ بَلَدِيٌّ لَقِيطًا بِبَلَدٍ فَلَيسَ لَهُ نَقْلُهُ إِلَى بَادِيَةٍ، لأن عيش البادية أخشن ويفوته العلمُ بِالدِّينِ وَالصَّنْعَةِ؛ ولئلا يعرض نسبه للضياع، وكذا لا ينقله إلى قريةٍ على الأصحِّ، نعم؛ لو كانَ الملتقطُ من أهل البادية أو القرية؛ فقد ذكر بَعْضُهُمْ: أنَّه ليس له إلَّا الالتقاطُ في البلد لعدم إمكان نقله إلى مكانه.

فَائِدَةٌ: البادية خلاف الحاضرة، والحاضرةُ: هي المدن؛ والبلاد؛ والقرى؛ والريف، فالريف: هي الأرض إلى فيها زرع وخصب، والقرية: العمارة المجتمعة قليلة كانت أو كثيرة (•) وغلب إطلاقها على القليلة؛ فإن كبرت سمِّيت بَلَدًا؛ فإن عظمت سمِّيت مَدِينَةً.

وَالأصَحُّ: أَنَّ لَهُ نَقْلَهُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، لانتفاء الخشونة، والثاني: لا للنسب،


(•) في النسخة (١) فقط: (لأن الفقر ليس أهل كالغني) والعبارة لا تستقيم.
(٢٢٤) آل عمران / ٤٤.
(•) في النسخة (١) فقط: كبيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>