للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: فيه قولان: أحدهما هذا، والثاني: يتبعه فيه تبعًا لنسبه، وعلى هذه الطريقة اقتصر في الْمُحَرَّرِ، لكنه في شرحه قال: إنَّ الأولَ أصَحُّ عند الأكثرين.

ويحكَمُ بإِسْلامِ الصبِيِّ بِجهتَينِ أُخْرَيَينِ لَا تُفْرَضَانِ فِي لَقِيطٍ، إِحدَاهُمَا: الْولادَةُ، فَإذَا كان أَحَدُ أَبَوَيهِ مُسْلِمًا وَقْتَ الْعُلُوقِ فَهُوَ مُسْلِم، لأنهُ جزءٌ من مسلمٍ وتغليبُ الإسلامِ واجب قال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ} (٢٢٦) وهذا إجماع ولا يضر ما يطرأ بعد العلوق منهما من ردةٍ، فَإِن بَلَغَ وَوَصَفَ كُفْرًا فَمُرتَدٌّ، لأنه مسلف ظاهرًا وباطنًا أولًا، وَلَوْ عَلَقَ بَينَ كَافِرَينِ ثم أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا حُكِمَ بإِسْلامِهِ، لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (٢٢٧) ولأن الإسْلامَ يَعلُو وَلَا يُعلَى عَلَيهِ.

فَرعٌ: ذكر ابن حزم الظاهري أن ولد الكافرة الحربية والذمية من زنا أو إكراهٍ مسلم ولا بد، لأنه ولد على الإسلام وليس له أبوان يخرجانه منه، ولم يذكر في ذلك خلافًا عن واحدٍ.

فَرعٌ: في معنى الأبوين الأجدادُ وَالْجَدَّاتُ سواء كانوا وارثين أم لم يكونوا، فإذا أسلم الجدُّ أبو الأَبِ أوْ أَبو الأم تَبِعَهُ الصَّبِيُّ إن لَمْ يَكُنِ الأبُ حَيًّا، وكذا إن كان على الأقربِ في الرافعي والأصح في الروضة، وقال الشيخ أبو حامدٍ: إنه الأشبه، وأما القاضي حُسين فقال: الذهب أنه لا يتبعه وهو المختار، ورجحه ابن الرفعة وأفتى به قاضى القضاة تقي الدين بن رزين؛ وَكُلُّ ذلك في ولد موجود قبل إسلام الجد، وكذا فيمن عقد بعد إسلامه، قاله القاضي حسين، أما إذا مات الجد والأب حي ثم حدث له بعد ذلك ولد فلم أر فيه نقلًا، وقد يقال: بعد الاستتباع؛


(٢٢٦) الأنبياء / ١٨.
(٢٢٧) الطور / ٢١ قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}. قال البيهقي في السنن الكبرى: كتاب اللقطة: باب الولد يَتبع أبويه في الكفر؛ قال: وقريء {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>