لأن الاستتباع يليق بالحي لا بالميت، وقد يقال: بالاستتباع وتمكين من يحتمل إسلامه من الكفر صعب؛ والله أعلم.
فَائِدَةٌ: قال الأوزاعي: إذا أسلم عَمُّ الصغير فهو مسلم؛ نقله ابن حزم في مُحَلَّاهُ.
فَإِذَا بَلَغَ وَوَصَفَ كُفْرًا فَمُرتدٌّ، لأنه سبق الحكم بإسلامه جزمًا فأشبه من باشرَ الإسلامَ ثُمَّ ارتَدُّ، وفي قَوْلٍ: كَافر أَصلِي، لأنه محكومًا بكفره أولًا؛ وأزيل ذلك بطريق التبعية، فإذا استقل انقطعت، ووجب أن يعتبر بنفسه، الثانِيَةُ: إِذَا سبَى مسلمٌ طِفْلًا، أي أو مجنونًا، تَبِعَ السَّابِيَ في الإِسلامِ إِن لَم يَكُنْ مَعَهُ أَحَدُ أبَوَيهِ، لأنه صار تحت ولايته كالأبوين؛ وادَّعى بعضُهُم الإجماع فيه، وفيه نظرٌ، ولا فرق بين أن يكون السابِي؛ بالغًا أو طفلًا؛ عاقلًا أو مجنونًا، قاله القاضي والبغوي، واحترز بقوله (إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدُ أَبوَيهِ) عمَّا إذا كان أحدُهُما معه فإِنهُ لَا يُحكَمُ بِإِسْلامِهِ؛ لأنَّ تَبَعِيَّةَ الأبوينِ أقوى مِن تَبَعِيَّةِ السَّابِي، ومن الغريب ما حكاه ابن حزم عن المزني: أنَّ مَنْ سَبَى مِن صغارِ أهلِ الحربِ فَسَوَاءٌ سُبِيَ مع أبويه أو مع أحدهما أو دونهما فهو مسلمٌ، ومعنى كونه مع أحد أبويهِ أنْ يكونا في ذلك الجيشِ وتلك الغنيمة؛ لا أنْ يكون سَابِيهُمَا واحدٌ.
فَرعٌ: لو ماتَ أبواهُ بعدَ سَبْيِهِ مَعَهُمَا! اسْتَمَرَّ كُفْرُهُ وَلَم يُحكَم بِإِسْلامِهِ، لأنَّ التبَعِيَّةَ إنما تَثْبُتُ في ابتدَاءِ السَّبْي.
وَلَوْ سَبَاهُ ذُمِّيٌّ لَمْ يُحكَم بإسِلامِهِ فِي الأصَحِّ، لأن كونه من أهل الدار لم يؤثر فيه ولا في أولاده فغيره أَوْلى، فعلى هذا سبُيَ أبواهُ ثم أسلما لم يَصِر مسلمًا بإسلامهما، قاله الحليمي. وينتظمُ منهُ لغز؛ فيقال: طفل محكوم بكفره أسلَمَ أبواهُ ولم يتبعهما في الاسلام، والثاني: يحكم بإسلامه؛ لأنه إذا سباهُ صار من أهل دار الإسلام فَيُجْعَلُ مسلمًا تبعًا للدار.
فَرْعٌ: لو أسلم الذمي السابِي لَهُ هلْ يصيرُ مسلمًا بإسلامه؟ ولو قهر حربي صغيرًا من أهل الحرب فملكه ثم أسلم هل يصير مسلمًا بإسلامه؟ لم أرَ فيه نقلًا،