فَصْلٌ: وَمَنْ أُسِرَ أَوْ فُقِدَ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ، تُرِكَ مَالُهُ حَتى تَقُومَ بَيِّنَة بِمَوْتِهِ، أَو تَمْضيَ مُدَّة يَغْلِبُ عَلَى الظنِّ أَنْهُ لَا يَعِيشُ فَوْقَهَا؛ فَيَجْتَهِدُ الْقَاضِي ويحْكُمُ بِمَوْتهِ، ثُمَّ يُعْطِي مَالهُ مَنْ يَرِثُهُ وَقتَ الْحُكْمِ، أي بموتِهِ ولا يورَثُ من ماتَ قبيل الحكم وَلَو بلحظةٍ لجواز أن يكونَ موتُ المفقود بين موته وبين حكم الحاكمِ، كذا جزَم به الرافعيُّ وغيره وفي البسيط: إذا حكم بموته قسِّمت تركتهُ بين ورثتِهِ الأحياءُ قبيل الحكم وهو ظاهز؟ فإن حكمَهُ بالموت يقتضي تقدمُهُ على الحكم والإرثُ مرتبٌ على الموتِ فيبنغي أن يكون قُبَيْلَهُ. والمدةُ المذكورةُ غيرُ مُقَدَّرَةً عند الجمهور، وقيل: مُقَدَّرَةٌ بسبعين سنةً، وقيل: مائة وعشرين فإنه العمرُ الطبيعيُّ عند الأطباء حكاهُ صاحبُ البيانِ، وَلَوْ مَاتَ مَن يَرِثُهُ الْمَفْقُودُ وَقَفْنَا حِصَّتَهُ وَعَمِلْنَا فِي الْحَاضِرِينَ بِالأَسْوَإ، أي فمَنْ سقطَ منهم بالمفقود لا يعطى شيئًا حتى يُتَبَيَّنَ حالُهُ، ومن ينقص حقه لحياته يقدر في حقه حياته، ومن ينقص في حقه بموته يقدر في حقه موته، وما لا يختلف نصيبه بحياته وموتهُ يعطى نصيبَهُ، وأمثلة ذلك موضحة في الأصل ومنها: زوجٌ مفقود وأختانِ لأبٍ وعَمٍّ حاضرون إن كان حيًّا فللأختين أربعة من سبعة ولا شيء للعمِّ، وإن كان ميتًا فلهما اثنانِ من ثلاثةٍ والباقي للعَمِّ فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّهِمْ حياتَهُ.
فَصْلٌ: وَلَوْ خَلْفَ حَمْلًا يَرِثُ أَوْ قَدْ يَرِثُ، أي خلف حملًا لو كان منفصلًا لكان وارثًا مطلقًا أو على تقدير إما بالذكورة كحملِ امرأةِ الأخِ والجدِّ؛ وإما بالأُنوثَةِ كما لو ماتَ عن زوج وأختٍ لأبوينِ وحملٍ من الأبِ، عُمِلَ بِالأحْوَطِ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ غَيرِهِ، أي كما سيأتي، فَإِنِ انْفَصَلَ حَيًّا لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَرِثَ، لثبوت نسبهِ، وَإلَّا، أي وإن انفصلَ حيًّا لوقت لا يُعْلَمُ وجودُهُ عند الموت، فَلَا، لإنتفاء نسبِهِ وكذا إذا انفصلَ ميِّتًا؛ فإنه كالعدم سواءً تحركَ بنفسهِ في البَطْنِ أمِ انفصلَ بنفسهِ أو بجنايةِ جانٍ.