ليدخلَ فيه القاتل خطأً فإنَّ العاقلَةَ تُضَمِّنُهُ.
فَرْعٌ: قد يرث المقتولُ من قاتلِهِ بأنْ جرحَ مورثَهُ ثم ماتَ قبل موتِ المجروحِ ثم ماتَ المجروحُ من تلكَ الجراحة.
وَلَوْ مَاتَ مُتَوَارِثَانِ بِغَرَقٍ، أي وكذا بحرقٍ، أوْ هَدْمٍ، أَوْ فِي غُربةٍ، أي وكذا إذا وجدا قتيلين في معركةٍ، مَعًا أَوْ جُهِلَ أَسْبَقُهُمَا لَمْ يَتَوَارَثَا، وَمَالُ كُلِّ لِبِاقِي وَرَثَتِهِ، لأنّا لا نتيقنُ استحقاقَ وأحدٍ منهما، ولأنّا إن ورثنا أحدهما فقطْ فهُو تَحَكُّمٌ، وإن ورثنا كلًّا من صاحبه تيقنا الخطأَ، واعلم أن هذه المسألة لها خمسةُ أحوالٍ: إحداها: أن يُعلمَ سبقُ موته بعينِهِ؛ وحكمُهُ ظاهرٌ، ثانيها: أن يُعلم اللَّاحقُ ولا يعلم السابقُ، ثالثها: أن يُعلم وقوعُ الموتين معًا، رابعها: أن لا يُعلم شيئًا ففي هذه الصور الثلاث لا إرثَ كما ذكرهُ المصنّفُ، والثانية والرابعة تدخلان في قوله (أَوْ جُهِلَ أسْبَقُهُمَا)، خامسها: أن يُعلم سبقُ موته ثم يلتبسُ فيوقف الميراث حتى يتبينَ، أو يصطلحا، لأن التذكر غيرُ ميؤوسٍ منه. وهذه الأحوالُ الخمس تفرض فيما إذا وقعت جمعتان في بلدٍ واحدٍ كما سلف في بابه؛ ونكاحان من وليَّين على امرأةٍ، وكذا في مبايعة إمامَين كما سيأتي في بابه.
تَنْبِيهٌ: مجموعُ ما ذكرَهُ المصنِّفُ من موانع الإرث أربعة: اختلافُ دِينٍ؛ وَرِقٌّ؛ وَقَتْلٌ؛ وَاسْتِبْهَامُ وَقْتِ الْمَوْتِ. ومن موانعه أيضًا الدَّوْرُ: وهو أنْ يَلْزَمَ من توريِثهِ عَدَمُهُ؛ كما إذا أقرَّ الأخُ بابن لأخيهِ المِّيتِ؛ فإَّنهُ يثبت نسبُهُ ولا إرثَ لَهُ، وقد قدمه المصنف في آخر كتاب الإقرار كما سلف؛ وله صورٌ أخرى أيضًا ومنها: إحرامُ الوارثِ في الصيدِ خاصة فإنه يَمْنَعُ من إرثهِ على وجهٍ، ومنها: حبسُ الزَّوْج زَوْجَتَهُ عندَهُ لا لغرضٍ بل ليرثها إذا ماتت على وجهٍ. وأهملهَا؛ لأن الأصحَّ خلافُهُ. ومنها: كونُ الميتِ نبيًّا؛ لأن الأنبياءَ لا يورثون وأهمله لأنه أمر انقضى، وعدَّ الغزاليُّ من الموانع: اللِّعَانُ: فإنَّهُ يقطعُ ميراثَ الولدِ؛ قال: وكأنَّ هذا ليسَ مانعًا بل هو دافعٌ للنَّسَبِ إلا أنه يقتصرُ على الأبِ ومن يدلي به، أما الأُمُّ فهو يَرِثُهَا وهي تَرِثُ الْوَلَدَ.