للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمضَوْهَا جازتْ، إن قلنا حَجْرُهُ حجرَ المرضِ، وإن قلنا حَجْرَ السُّفَهِ كان على الخلافِ فِي السَّفِيهِ؛ وقال الْجُرْجَانِيُّ: لا تصحُّ وصيُّتهُ فِي عينِ المالِ، وتصحُّ مطلقةٌ، لأنه لا ضررَ على الغُرماءِ فيه وهو ظاهرُ. واحترزَ بالمحجُورِ عليه عن السَّفِيهِ الَّذي لم يُحجَرْ عليه، وأنه تصحُّ منه كسائر تصرفه إلِّا إذا قلنا إنَّ الْحَجْرَ يعودُ بنفسِ التَّبْذِيرِ، إذا بلغَ رشيدًا من غير توقفٍ على حكمٍ فيكونُ كالمحجورِ عليه ذكرَهُ فِي المطلب، لَا مَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيهِ، إذ لا عبارةَ لهما، وفي معنى المجنونِ الْمُبَرْسَمُ وَالْمَعْتُوهُ، وَصَبِيٍّ، أي كَهِبَتِهِ وإعتاقِهِ إذ لا عبارةَ له، وَفِي قَوْلٍ: تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ، لأنها لا تزيلُ مِلْكَهُ فِي الحالِ، وتفيدُ الثوابَ بعد الموتِ، فصحَّت كسائر القربات بخلافِ الهبةِ والإِعتاقِ، وهذا قولٌ قويٌّ، ويؤخذ من هذا التعليل أنَّ محلَّهُ إذا كانت وصيَّتُهُ غيرَ مُنَجَّزَةٍ، أما الْمُنَجَّزَة فلا تصحُّ قطعًا، وفيه وجهٌ حكاهُ الجيليُّ، أما الصبيُّ غيرُ المميِّزِ فلا تصحُّ منه قطعًا، وَلَا رَقِيقٍ، لعدم أهْلِيَّتِهِ، وَقِيلَ: إِنْ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ صَحَّتْ، لأنهُ صحيحُ العبارةِ وقدْ أَمْكَنَ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ والأصحُّ المنعُ أيضًا، لأنه لم يكُنْ أهْلًا حينئذٍ.

فَرْعٌ: المدبَّرُ (٢٧٤) وأُمُّ الولدِ والمكاتَبُ كالقِنِّ.

وَإِذَا أَوْصَى لِجِهَةٍ عَامَّةٍ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا تَكُونَ مَعْصِيَةً كَعِمَارَةِ كَنِيسَةٍ، أي: بل إمَّا أنْ تكونَ قُربةً كالوصيَّةِ للفقراءِ أو لا، لأنَّ المقصودَ مِن شَرْعِ الوصيَّةِ تدارُكُ ما فاتَ فِي حالِ الحياةِ، ولا يجوزُ أنْ تكونَ معصيةً، وبناءُ بُقْعَةٍ لبعضِ المعاصي كذلكَ، وسواءٌ أوصى بذلك مُسْلِمٌ أوْ ذِمِّيٌّ، ومحِلُّ ما ذكرَهُ المصنِّفُ فِي الكنيسة ما إذا كان بناؤُها لِلتَّعَبُّدِ فقطْ، أما لو أوصى ببنائها لنزولِ الْمَارَّةِ فيها مِن المسلمينَ وأهلِ الذِّمَّةِ صَحَّ، وكذا إنْ خُصَّ النزولُ بأهلِ الذِّمَّةِ على الصحيح المنصوصِ، ومقابلُهُ حكاه الماورديُّ، ولو قال: لنزولِ المارَّةِ والتعبُّدِ فوجهان، أَوْ لِشَخْصٍ، أي معيَّنٍ، فَالشَّرْطُ أَنْ يُتَصَوَّرَ لَهُ الْمِلْكُ، لأنها تمليكٌ، فَتَصِحُّ لِحَمْلٍ، أي موجودٍ


(٢٧٤) التَّدْبِيرُ عِتْقُ المملوكِ بعدَ الموتِ؛ فهُوَ (مُدَبَّرٌ).

<<  <  ج: ص:  >  >>