للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سواء كان حُرًّا أو رَقِيقًا؛ لأنَّا نحكُمُ لهُ بالإِرثِ؛ والوصيَّةُ أوسعُ بابًا منهُ؛ لأن المكاتَبَ والكافرَ تجوزُ الوصيَّةُ لهما ولا يَرِثَانِ، فإذا ثبتَ لهُ الميراثُ فالوصيَّةُ أولى، أما إذا أوصى لحملٍ، فلأنه الَّذي سَيَحْدُثُ؛ ويكونُ؛ فلا يصحُّ على الأصحِّ، لأنها تمليكٌ، وتمليكُ المعدومِ ممتنعٌ.

وَتَنْفُذُ إِنِ انْفَصلَ حَيًّا، أي حياةً مستقرَّةٌ، فإن انفصلَ مَيتًا، فلا شيءَ لهُ كما تقدَّمَ فِي الميراثِ؛ وإن انفصلَ بحنايةٍ وأوجبنا الغُرَّةَ فكذلك، وَعُلِمَ وُجُودُهُ عِندَهَا، أي عند الوصية، بِأَنِ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِنِ انْفَصَلَ لِسِتَّةِ أَشْهُر، فَأَكْثَرَ، وَالْمَرْأَةُ فِرَاشُ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ لَمْ يَستحِقَّ، لاحتمالِ الحدوثِ بعد الوصيَّةِ، والأصل عدمُ الحَمْلِ وعدمُ الاستحقاقِ، وقيَّدَ الإِمامُ المسألة بما إذا ظَنَّ أنهُ يَغْشَاهَا أو أمكَنَ بأن كان معها فِي بلدٍ ولا مانِعَ مِن اجتماعِهِ معَهَا، ولو كان السَّيِّد أَقَرَّ بِوَطْئِهَا صارت فِراشًا لهُ أيضًا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا وَانْفَصَلَ لأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ فَكَذَلِكَ، للعِلْمِ بأنهُ لم يكنْ موجودًا يومئذ، أَوْ لِدُونِهِ اسْتَحَقَّ فِي الأَظْهَرِ، لأن الظاهرَ وجودُه يومئذٍ، فإن وطْءَ الشَّبْهَةِ نادرٌ، والظنُّ بالمسلمين اجتنابُ الفاحشة، والثاني: المنعُ لاحتمال حدُوثِهِ بعدَ الوصيَّةِ؛ ويخالفُ النَّسَبَ؛ فإِنه يكفى فيه الإمكانُ. وقوله (أَوْ لِدُوْنِهِ) أي بالضَّمِيرِ مُذَكَّرًا ليعود على أكثر، فيستفادُ منه حُكم الأربع؛ بخلاف ما لو قال: أو لِدُونِهَا، ولو لم يُعرف لها زوجٌ قطْ ولا سَيِّد فمقتضى إيرادِ أبي الطَّيِّبِ القطعُ بالثَّاني.

وَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدٍ، أي عَبْدَ غيرِهِ، فَاسْتَمَرَّ رِقُّهُ فَالْوَصِيَّةُ لِلسَّيِّدِ، كما لو اصطادَ أو احتطبَ؛ ويقبلُها العبدُ لا السَّيِّدُ؛ ولا يفتقرُ إلى إذنِهِ، فَإِنْ عُتِقَ قَبلَ مَوْتِ المُوْصِي فَلَهُ، لأنهُ وقتَ المِلْك حُرٌّ، وَإِنْ عُتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ قَبِلَ؛ بُنِيَ عَلَى أَنْ الوَصِيَّةَ بِمَ تُمْلَكُ، أي فإن قلنا بالموتِ أو موقوف فالملكُ للسَّيِّدِ، وإن قلنا بالقَبولِ فللعبدِ، أما إذا قبِل ثم عُتقَ فالاستحقاقُ لِلسَّيِّد، وهذا كُلُّهُ إذا أطلقَ الوصيَّةَ، أما لو صرَّحَ بأنها للعيدِ نفسِهِ فيشبِهُ كما قال صاحبُ الْمَطْلَبِ: أنْ يكونَ كما لو وقَفَ على عبدِ غيرِهِ، وقد خرَّجَهُ بعضُهم على أنَّ العبدَ هل يملِكُ أمْ لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>