للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوقف والغزاليُّ حكاهُ فيه وفي الوصيةِ، والكعبةُ في ذلك كالمسجدِ كما صرح به في البيانِ نقلًا عن الشيخ أبِى عَلِيٍّ قال: وتُصرفُ إلى عِمَارَتها، وقيل: إلى مساكين حَرَمِ مَكةَ، وينبغي إلحاقُ الكِسوَةِ بالعمارَةِ فإنهُ من جملَةِ المصالح، وكذا ما أوصِي بهِ للضرِيح النَّبَويِّ يُحمل على ما تختص به دُونَ الأشياءِ الخارجةِ عنهُ في حَرَمِهِ، فإنها قد تدخلُ في الوصيَّةِ للحَرَمِ.

فَرعٌ: لو قال: أردْتُ تمليكَ المسجدِ، فعَنْ بعضهِم أنها لاغِيَة، وتوقَّفَ فيه الرافعيُّ؛ لأن للمسجِدِ مِلْكًا، قال في الروضة: وهذا الذي أشارَ إلى اختيارِهِ هو الأفْقَهُ الأرجَحُ، وقال ابنُ الرفعة: مِن كلام الرافعي في اللقَطَةِ ما يُفهم جوازَ الهِبَةِ للمسجدِ، قُلْتُ: وبِهِ صَرح القاضِي في تعليقِهِ في بابِ الوقف.

وَلذِمِّيٍّ، كما يجوزُ التصَدقُ عليهِ عَنْ مُحَمدٍ بنِ الْحَنَفِيَّةِ وعَطاءَ وَقَتَادَةَ في قوله تعالى: {إلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} وهو وصيَّةُ المسلم لليهودي والنصراني (٢٧٥).

وَكَدَا حَربِي وَمُرتد فِي الأصَح، كما يجوزُ البيعُ والوصيَّةُ منهُمَا؛ وهذا هو


(٢٧٥) الأحزاب / ٦. أخرَجَ الطبريُّ بسندِهِ في جامع البيان: الرقم (٢١٦٠٢): عن ابن الحنفيةِ: قَالُوا: يُوْصِي لِقَرَابتهِ مِنْ أهلِ الشرك.
* عن عطاء، الرقم (٢١٦٠٥).
* عن قتادة، الرقم (٢١٦٠٣).
* وَقال: (وَأولَى الأقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصوَابِ أن يُقَال: إلا تَفعَلُوا إِلَى أوْليَائِكُمُ الذينَ كَانَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - آخَى بَينَهُم وَبَينَكُم مِنَ المهاجِرِينَ والأنصَارِ، مَعرُوفًا مِنَ الوصية لَهُم، وَالنصرَةِ وَالعَقلِ عَنهُم، وَمَا أشبه ذَلِكَ). وَقَال: (القريب مِن أهْلِ الشرك؛ وَإن كَانَ ذَا نَسَبٍ فَلَيسَ بالمولَى؛ وَذَلِكَ لأن الشرك يَقطَعُ ولايَةَ مَا بَينَ الْمُؤمِنِ والشركِ، وقد نَهى الله المؤمِنِينَ أن يَتخِذُوا مِنْهُم وَلِيًّا بِقَولهِ: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: ١] وَغَيرُ جَائِز أنْ يَنهاهُم عَنِ اتخَاذ أوليَاء، ثُمَّ يَصِفُهم جلَّ ثَنَاؤُهُ بِأنَّهم أوليَاء). انتهى. جامع البيان: الجزء الحادي والعشرون: ص ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>