لثبوت الاختصاصِ فيها وانتقالها من يَد إلى يَدٍ بالإرثِ، كذا قاسُوهُ على الإرث، ولا يحسُن لأنهُ قَهْري وهُنا الملكُ اخْتِيَاري، أما ما لا يحل الانتفاعُ به ولا اقتناؤُهُ كالخمرِ غيرِ المحترمَةِ والخنزيرِ والكلبِ العقورِ، فلا تصح الوصيةُ بهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِكلْبٍ مِنْ كِلابِهِ أُعطيَ أحَدَها، أي إنْ كانَ يحِل الانتفاعُ بِهِ، فإِن لم يَكنْ لَهُ كَلْب لَغَتْ، أي بخلافِ ما إذا قال: عبدًا مِن مالي حيثُ يُشترى عبد؛ لأن الكلبَ يتعذرُ شراؤُهُ.
فَرْعٌ: لو تَجَدَّدَ كلبٌ فيظهرُ أن يكونَ على وجهينِ.
وَلَوْ كان لَهُ مَالٌ وَكِلاب وَوصَّى بِها أَوْ بِبَعضِها فَالأصح نُفُوذُها وَإِن كثرُتْ وَقل المالُ، أي ولو كان دَانِقًا، لأن المعتبرَ أن يبقى للورثةِ ضِعْفُ الموصَى بِهِ، والمالُ وإن قل خيرٌ من ضِعف الكلبِ إذْ لا قيمةَ لهُ، والثاني: أن الكلابَ ليست من جنسِ المالِ فيُقَدَّرُ، كأنهُ لا مال لهُ، وتنفذُ الوصيةُ في ثلثِ الكلابِ، والثالث: تقَوَّمُ الكلابُ ومنافعُها على الاختلافِ فيه ويُضَم إلى ما يملكُهُ من المالِ، وتنفذ الوصيَّةُ في ثُلُثِ الجميع.
فَرع: لو أوصَى بثلُثِ مالِهِ لرجلٍ وبالكلابِ لآخَرَ؛ فعلى ما صحَّحَهُ المصنفُ؛ قال القاضي أبو الطيب: تُنفذُ الوصيَّةُ بجميع الكلابِ، لأن ثلُثَي المالِ الذي يبقى للوَرَثَةِ خيرٌ من ضعف الكلابِ، واسْتَبْعَدَهُ ابنُ الصباغ، لأن ما يأخذهُ الورثَة من الثلثَينِ هو حصَّتهُم بسببِ ما نفذت فيه الوصيةُ وهو الثلُثُ فلا يجوزُ أن يُحسب عليهم مرَّة أخرى في وصيّة الكلابِ، قال في الروضة: وهذا أصح.
وَلَوْ أَوْصَى بِطَبلٍ؛ وَلَهُ طَبْلُ لَهوٍ، وَطبل يَحِلُّ الانتِفَاعُ بِهِ كَطبلِ حَرْبٍ وَحَجِيج، حُمِلَت عَلَى الثاني، مَيلًا إلى التصحيح؛ لأن الموصِي يقصدُ حيازَةَ الثوابِ فالظاهرُ أنه يقصدُ ما تصح الوصيَّة بهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِطبلِ اللهْو لَغَت، أي كالكوبَةِ التي يضربُ بها المُخنثُونَ؛ وَسَطَها ضَيِّق؛ وطَرَفَاها واسِعَان؛ لَغَت، أي ولا نَظَرَ إلى المنافِع المتوقِّعَةِ بعدَ زوالِ اسمِ الطبلِ، لأنهُ إنما أوصَى بالطبلِ، ولا فَرقَ بينَ أن يكونَ من جوهرٍ نَفِيسٍ كالعُوْدِ أو مِن غيرِهِ، إلَّا إِن صَلُحَ، أي طَبْلُ اللهْو، لِحربٍ