أَوْ حجَيجٍ، أي أو منفعةٍ أخرى مُباحة؛ إمَّا على الهيئَةِ التي هي عليها، وإما بعدَ التغييرِ الذي يبقى معهُ اسمُ الطبلِ؛ فالوصيَّةُ صحيحة.
فَصل: يَنْبَغِي أَلَّا يُوْصِيَ بِأكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، لقوله عليهِ الصُّلاةُ والسلامُ لِسَعدٍ:[الثلثُ، وَالثلثُ كثير] متفق عليه (٢٧٨). وسواء كانُوا أغنياءَ أمْ فقراءَ، وقال البَنْدَنِيجِي والقاضي: الزيادةُ على الثلثِ مُحَرَّمَة؛ وقال المتوليّ وصاحبُ الكافي وابنُ أبي عصرونَ: إنها مَكْرُوهةٌ. وقال ابنُ حزم في مراتِبِ الإجمَاع: اتفَقُوا على أنهُ لا يجوزُ لِمَنْ تَرَكَ وَارِثًا أن يوصيَ بأكثَرَ مِن الثلُثِ لا في صِحَتِهِ ولا في مرضِهِ، واختلفُوا هل تجوزُ الوصيةُ لِمَنْ تَرَكَ وَلَدًا بالثلثِ أم إنما تجوزُ أقلَّ مِنْهُ، فإن زَادَ وَردَّ الْوارِثُ بَطَلت في الزائِدِ، لأنهُ حَقَّهُ وهو إجماع كما نقله المتوليّ. قال الجرجَانِيُّ في الشَّافي في باب الْحَجرِ: ولا يجوزُ أن يوصِيَ المريضُ لوارثهِ بشيءٍ مِن مالِهِ، وَإِن أَجازَ فإجَازَتهُ تَنْفِيذ، أي وإمضَاء لتصرُّفِ الموصِي، وتصرُّفُهُ موقوفٌ على الإجازَةِ، لأنهُ تصرُّف مُصَادِفُ المِلْك، وحقُّ المَالك إنما يثبُتُ في ثَانِي الحالِ فأشبَه بيع الشقْصِ الْمشفُوع، وَفِي قَوْلٍ: عَطِيَّة مُبْتَدَأَةٌ وَالْوَصيةُ بِالزيادَةِ لَغوٌ، لأنهُ منهِي عنهُ والنهيُّ يقتضي الفسَادَ.
فَرعٌ: لو لم يكنْ لهُ وارثٌ خاص فالزيادة عليه باطلةٌ على الصحيح؛ لأن الحَقَّ للمُسلمِين فلا مُجِيزَ.
فَرعٌ: إنما تصح الإجازةُ مِن أهل التَّبَرُّع دون الْمَحجُورِ عليه، والمُستَأمِنُ تصح
(٢٧٨) عن عامِر بنِ سَعْدٍ عَنْ أبِيهِ - رضي الله عنه - قَال: مَرِضْتُ فَعَادَنِي النبِي - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ، ادعُ الله لَا يَرُدَّنِي عَلَى عقِبِي؟ قَال: [لَعَل الله يرْفَعُك، وَيَنْفَعُ بِكَ نَاسًا] قُلْتُ: أريد أن أوْصِيَ، وَإِنمَا لِيَ ابنَة. فَقُلْتُ: أوْصِي بالنصف؟ قَال: [النصفُ كثير] قُلْتُ: فَالثلثُ؟ قَال: [الثلثُ، وَالثلُثُ كثير]. أوْ [كَبير]. قال: فَأوْصَى النْاسُ بِالثلُثِ؛ فَجازَ ذَلِكَ لَهم. رواه البخاري في الصحيح: كتاب الوصايا: باب الوصية بالثلث: الحديث (٢٧٤٤). ومسلم في الصحيح: كتاب الوصية: باب الوصية بالثلث: الحديث (٥/ ١٦٢٨).