للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصيَّتُهُ بالجميع، لأن ورثتَهُ أهلُ حربٍ، وقال أبو عَلِيّ: يصحُّ في الثلثِ خَاصة، والباقي لورثتِهِ؛ وقيل: الباقي لِبَيتِ المالِ، ذكرَهُ الهرَويُّ في أواخر الأشراف.

ويعتَبَرُ الْمَالُ يَوْمَ المَوْتِ، لأن الوصيَّةَ تمليكٌ بعد الموتِ وحينئذ تلزمُ. وَقِيلَ: يَوْمَ الوَصيةِ، كما لو نَذَرَ التصدُّقَ بثُلُثِ مالِهِ نَظَرًا إلى يومِ النذْرِ، وتظهرُ فائدةُ الخلافِ فيما لو زَادَ مالُهُ بعدَ الوصيةِ، أو هلَكَ الموجودُ عندَهُ ثم اكتسَبَ مَالًا، ويعتَبَرُ مِنَ الثلُثِ أَيضًا عِتق عُلِّقَ بِالموتِ، أي سواء أوصَى به في صِحتِهِ أو مَرَضِهِ، وَتَبَرع نُجِّزَ فِي مَرَضِهِ: كَوَقْفٍ؛ وهبة؛ وَعِتْق؛ وَإبْرَاء، لإطلاقِ حديثِ أبي هريرة المرفوع: [إِن الله تَصَدَّقَ عَلَيكُم، عِنْدَ وَفَاتِكُم، بِثُلُثِ أموَالِكُم زِيَادَة لَكُم فِي أَعمَالِكم]. قال البيهقي في المعرفة: هو غيرُ قويّ، إلّا أنه قد رُوي بإسناد شَامِيّ عن معاذٍ كذلك مرفوعًا (٢٧٩)، وخالفَ الجمهورَ داودُ وابنُ حزمٍ فقالا: تصرُّفاتُ المريضِ كلها صحيحة مِن رأسِ المال إلَّا العتقَ لحديث: [إلَّا عَبْدَ الستةِ] فِي مسلم (٢٨٠).

وحجَّةُ الجمهورِ قصةُ أبي بكر مع عائشَةَ في الموطأ (٢٨١)؛ وبالقياس على العتق.


(٢٧٩) رواه ابن ماجه في السنن: كتاب الوصايا: باب الوصية بالثلث: الحديث (٢٧٠٩). وأخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار: كتاب الوصايا: باب الوصية فيما زاد على الثلث: الحديث (٣٩١٩) وقال: وطَلْحَةُ بنُ عَمرو غيرُ قوي. إلَّا أنهُ قد رُويَ بإسنادٍ شَامي عن معاذ بن جبل كذلكَ مرفُوعًا. وفي السنن الكبرى: كتاب الوصايا: الحديث (١٢٨٣٨).
(٢٨٠) عن عِمرانَ بنِ حُصَين؛ (أن رَجلًا مِنَ الأنصَار أعتَقَ سِتةَ مملُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتهِ لَمْ يكُنْ لَهُ مَال غَيرُهم؛ فَدَعَا بِهم رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجزَّأهُم أثلاثًا؛ ثُمَّ أقرَعَ بَينَهُم؛ فَأعتَقَ اثنينِ وَأرقَّ أربعَة؛ وَقَال لَهُ قولًا شَديدا). رواه مسلم في الصحيح: كتاب الأيمان: باب من أعتق شركًا له في عبد: الحديث (٥٦ و ٥٧/ ١٦٦٨). وأبو داود في السنن: كتاب العتق: باب فيمن أعتق عبيدًا: الحديث (٣٩٥٨). والترمذي في الجامع: كتاب الأحكام: الحديث (١٣٦٤)، وقال: حديث حسن صحيح.
(٢٨١) عن عروَةَ بن الزبيرِ؛ عَن عَائِشَةَ زَوْج النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -، (أنها قَالت: إِنَّ أبا بَكْرٍ الصديقَ نَحَلها جاد عِشْرينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بالغَابَةِ. فَلَمَّا حَضَرتهُ الوَفَاةُ؛ قَال: وَالله، يَا بُنيةُ مَا مِنْ =

<<  <  ج: ص:  >  >>