للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المهذَّبِ والماورديُّ إلى العجزِ عدَمَ الوُثوقِ بأمانَةِ نفسِهِ، وَمَنْ قَدَرَ وَلَمْ يَبْقْ بأمانَتِهِ، نَفْسُهُ، كُرِهَ، كذا جزَمَ بهِ رَحِمَهُ الله وهو من تصرُّفِهِ، فإنَّ عبارَةَ الْمُحَرَّرِ لا ينبغِي أن يقبَلَها، وعبارةُ الشَّرح: منهُمْ مَن يقولُ: لا يجوزُ، ومنهُمْ مَن يقولُ: يُكرهُ، ولم يرجِّحْ واحِداً منهُما؛ فلذلكَ عبَّرَ في المُحَرَّرِ بما سلفَ وما أحسَنَها. وعبارةُ الروضةِ: هلْ يَحْرُمُ قبولُها أو يُكرهُ؟ وجهانِ فَجَزْمُهُ في الكتابِ بالكراهَةِ؛ لم يرجِّحْهُ في الروضة ولا الرافعيُّ في شرحِهِ. نَعَمْ: هو ظاهرٌ لأجلِ الشَّكِّ في حصولِ المفسدَةِ، قال صاحبُ المطلبِ: ويظهرُ أنَّ هذا كلَّهُ فيما إذا أرادَ قبولَها مِن غيرِ إطِّلاعِ المالِكِ على الحالِ. أمَّا إذا أطلعَهُ؛ فرَضِي بذلكَ فلا تحريمَ ولا كراهَةَ، وكذا محِلُّ ذلكَ إذا لم يتعيَّنِ القبولُ. أما إذا تعيَّنَ القبولُ فقد يقولُ عند الخوفِ بهِ أيضاً كما في ولايَةِ القضاءِ، فَإن وثق استُحِبَّ، لقوله عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: [وَالله فِي عَوْنِ الْعَبدِ مَا كَانَ الْعَبدُ فِي عَوْنِ أَخِيْهِ] رواهُ مسلم (٢٩٢).

فَرْعٌ: قدْ يجبُ القبولُ إذا لم يكُنْ مَن يصلُحُ لَهَا ثَمَّ غيرُهُ، وخافَ إنْ لم يقبلْ هَلَكَتْ، قالَهُ صاحبُ المهذَّبِ وغيرُهُ. وهو محمولٌ على أصلِ القبولِ دونَ أنْ يُتْلِفَ منفعَةَ نفسِهِ في الحفظِ من غيرِ عِوَضٍ، وجوَّزَهُ كما نبّهَ عليه أبو الفَرَج البزَّازِ.

وَشَرْطُهُمَا؛ أيْ شرط الْمُوْدِع وَالْمُوْدَع، شَرط مُوَكّل وَوَكِيْل، لأنهُ اسْتِنَابَةٌ في


(٢٩٢) في أبي هريرة - رضي الله عنه -؛ قال: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [مَنْ نَفسَ عَنْ مؤمنٍ كُربَة مِنْ كُرَبِ الدُّنيَا؛ نَفَّسَ الله عَنهُ كُربةَ مِنْ كُرَبِ يَوْمٍ القِيَامَةِ. وَمَنْ يَسَّرَ على مُعْسِر؛ يَسَّرَ الله عَلَيْهِ في الدُّنْيَا وَالآخرةَ. ومَنْ ستر مسُلِماً؛ سَترَهُ الله فِى الدُّنيَا والآخِرَةِ. وَالله فِي عَونِ العَبدِ مَا كَانَ الْعَبدُ فِى عَونِ أَخِيهِ. وَمَنْ سَلَكَ طَرِيْقاً يَلتمِسُ فِيهِ عِلْماً؛ سَهَّلَ الله لَهُ طريقاً إِلَى الجنَّة. وَمَا اجْتَمَعَ قوْمٌ فِى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله يَتْلُونَ كتابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنهُم إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ الله فِيمَنْ عِنْدَه. ومَنْ بَطَّأ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِع بهِ نَسَبُهُ]. رواه مسلم في الصَّحيح: كتاب الذكر: باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن: الحديث (٣٨/ ٢٦٩٩). وأبو داود في السنن مختصرًا: كتاب الأدب: باب في المعونة للمسلم: الحديث (٤٩٤٦). والترمذي في الجامع: كتاب الحدود: باب ما جاء في الستر على المسلم: الحديث (١٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>