للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآتى بعدَهُ، ويدخل في المساكين الفقراء كما صرَّح به القاضي أبو الطَّيِّبِ. وَيَعُمُّ الَأصْنَافَ الأربعَةَ الْمُتَأَخِّرَةَ، لظاهر الآية، وَقِيلَ: يَخُصُّ بِالْحَاصِلِ في كُلِّ نَاحِيَةٍ مَنْ فِيْهَا مِنْهُمْ، لما في النقل من الْمَشَقةِ فَالتحَقَ بالزكاة؛ وضعِّف بأنه يؤدي إلى حرمان بعضهم وهو مخالف للآية, وخالف الزكاة، فإن التعميم فيها لا يجب؛ والمشقَّةُ ممنوعةٌ في حقِّ الإمام، فإنه يأمر أُمَنَاءَهُ بضبط من في كل أقليم منهم.

وَأَمَّا الأَخمَاسُ الأَرْبعَةُ، أي التي كانت له - صلى الله عليه وسلم - في حياته، فَالأَظْهَرُ أَنهَا لِلْمُرتَزِقَةِ وَهُمْ الأجْنَادُ الْمُرْصَدُونَ لِلْجِهَادِ، لعمل الأولين به، والثانى: أنها للمصالح كَخُمْسِ الخُمْسِ، والثالث: أنها تُقْسَمُ كما يُقْسَمُ الخُمس، فَيَضَعُ الِإمَامُ دِيْوَانًا, أيْ بكسر الدال، وهو الدَّفترُ الذي تُكتب فيه الأسماء، ويحصي فيه المرتزقة، وأصله دِوَّانٌ وسمي الكُتَّاب بذلك لحذقهم، لأنه بالفارسية أسمٌ للشياطين؛ وأول من وضعه في الإسلام عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه (٣٠١).

وَينْصِبُ لِكُلِّ قَبِيلَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ عَرِيْفًا، أيْ لِيَعْرُضَ عليه أحوالهم ويجمعهم عند الحاجة. ونصبه مستحبُّ، وَيَبْحَثُ عَن حَالِ كُلِّ وَاحِدٍ وَعِيَالِهِ وَمَا يَكفِيْهِمْ فَيُعْطِيهِمْ كِفَايَتَهُمْ، ليتفرغ للجهاد، ولا يُفضَّل أحدًا منهم بشرفِ نَسبٍ أو سبقٍ في الإسلام أو الهجرة وسائر الخصال الْمُرْضِيَةِ، بل يستوُون كالإرث والغنيمة.

وَيُقَدِّمُ في إِثبَاتِ الِاسمِ وَالِإِعْطَاءِ قُرَيْشًا، لشرفهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى: {وَإِنَّه


(٣٠١) عن أبي هريرة؛ (أَنَّهُ قَدِمَ عُمَرَ مِنَ البَحْرَيْنِ؛ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَيْهِ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْعِشَاءَ؛ فَلَمَّا رَآنِي سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا قَدِمْتَ بهِ؟ قُلْتُ: قَدِمْتُ بخَمْسِمِائَةِ ألْفٍ، قَالَ: أتَدْرِي مَا تَقُوْلُ ... ؟ قَالَ: طَيِّب؟ قُلْتُ: طَيِّب؛ لَا أعْلَمُ إِلَّا ذَاكَ, قَالَ: فَقَالَ: إِنَّهُ قَدِمَ عَلَيَّ مَالٌ كَثِيْرٌ، فَإنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعُدَّهُ لَكُمْ عَدًّا، وَإِنْ شِئْتُمْ نَكِيْلَهُ لَكُمْ كَيْلًا, فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أمِيْرَ الْمُؤمِنِيْنَ إِنّي رَأيتُ هَوُلَاءِ الأَعَاجمَ يُدَوِّنُوْنَ دِيْوَانًا وَيُعْطُوْنَ الناسَ عَلَيْهِ. قَالَ: فَدَوِّنِ الدَّوَاوِيْنَ. وَفرَضَ لِلْمُهَاجِرِيْنَ وَلِلأَنصَارِ وَلأزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -). رواه ابن أبي شيبة في الكتاب المصنف: كتاب السير: باب ما قالوا في فرض الدواوين: النص (٣٢٨٥٤): ج ٦ ص ٤٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>