للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضرورة إلى احتمال الجهلِ في الْجُعْلِ ثم لا يختصُّ بالحاصل به إذ ذاك، بل يجوز أن يُعطى ما يتحدد (•) فيه، وقوله (إِنْ نَفَلَ) يجوز فيه التشديد إذا عدَّيتهُ إلى إثنين، والتخفيفُ إذا عدَّيتهُ إلى واحدٍ وبالتخفيف ضَبَطَهُ المصنِّفُ بخطه فكتب عليه خف. لأن معناه جَعْلُ النَّفْلِ، قال في المحكم: نَفَّلَهُ نَفْلاً وَأَنْفَلَهُ إِيَّاهُ وَنَفَلَهُ بالتخفيف.

وَالنَّفَلُ، أي بفتح النون والفاء وإسكانها كما سلف، زِيَادَةٌ يَشْتَرِطُهَا الإِمَامُ أَوِ الأمِيْرُ لِمَنْ يَفْعَلْ مَا فِيْهِ نِكَايَةُ الْكُفَّارِ، أي نكاية زائدة على ما يفعله بقيَّةُ الجيش وكذا توقع ظفرٍ، وترك شرِّ؛ كالتقدُّم على الطليعة أو التَّهَجُّمِ على قلعةٍ أو الدلالة عليها، أو لحفظ مَكْمَنٍ أو تجسُّسِ حالٍ؛ وإنما يفعل ذلك إذا أَمَسَّتِ الحاجةُ إليه. وقوله (يَشْتَرِطُهَا الإِمَامُ أَوِ الأمِيْرُ) قد يُتوهم منه أنه لا بد من هذا الشرط؛ وذلك أحدُ قِسْمَى النفل؛ وهو ما يشرطه أولاً قبل الإقدام على ما يستحقُّ به النفلُ، والآخر ما يُنَفِّلُهُ لمن ظهر منه في الحرب مُبَارَزَةٌ وحُسْنُ إقْدَامٍ وأثرٌ محمودٌ فإنه يُزاد على سهمه من مال المصالح ما يليقُ بالحال، وَيَجْتَهِدُ فِي قَدْرِهِ، أي بحسب قلَّةِ العمل وخطرِهِ، وقد صحَّ أنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ (نَفَّلَ الرُّبُعَ فِى الْبَدأَةِ وَالثُّلُثَ فِى الرَّجْعَةِ) (٣٠٩) وَالْبَدْأَةُ الَّتِي تَتَقَدَّمُ الْجَيْشَ. وَالرَّجْعَةُ الرَّاجِعَةُ، وقيل غير ذلك مما هو موضَّحٌ في تخريجي لأحاديث الرافعيِّ وأحاديث الوسيطِ، وهذا الفعلُ كان منه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لِرأْيٍ رَآهُ لا تقديراً.


(•) يتجدد.
(٣٠٩) • عن حبيب بن مَسْلَمَةَ الفهريَّ؛ يقولُ: (شَهِدْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَفَّلَ الرُّبُعَ فِى الْبَدْأَةِ وَالثُّلُثَ فِي الرَّجْعَةِ). رواه أبو داود في السنن: كتاب الجهاد: باب فيمن قال: الخمس قبل النفل: الحديث (٢٧٥٠). وابن ماجه في السنن: كتاب الجهاد: الحديث (٢٨٥١) وإسناده صحيح، وله شواهد.
• عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ؛ (أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُنَفِّلُ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ وَفِى الْقُفُوْلِ الثُّلُثَ). رواه الترمذي في الجامع: كتاب السير: باب في النفل: الحديث (١٥٦١)، وقال: حديث حسن. وابن ماجه في السنن: الحديث (٢٨٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>