للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُعْطَى غَازٍ وَابْنُ سَبِيل بقَوْلِهِمَا، أي من غير بَيِّنَةٍ ولا يمينٍ لأنهما يظهَران بعد الأخذ، فَإِن لَم يَخْرُجَا اسْتُرِدَّ، لانتفاء صفة الاستحقاق، ثم قيل: يُحتملُ تأخيرُ الخروج يومين أو ثلاثة، ولا يُحتمل الزيادةُ. قال الرافعيُّ: ويشبهُ أن يجعل هذا على التقريب، وأن يعتبر ترصدَهُ للخروج، وكون التأخيرِ لانتظارِ الرِّفقَةِ وإعداد الأُهْبَةِ ونحوهما.

ويُطَالَبُ عَامِلٌ وَمُكَاتَبٌ وَغَارِمٌ، أي لمصلحة نفسه، بِبَيِّنَةٍ؛ لأن الأصل العدمُ، وإقامة البَيِّنَةِ سهلةٌ عليه، أما الغارمُ لإصلاح ذات البينِ فاشتهارُهُ يُغني عن البَيِّنَةِ؛ نَبَّهَ عليه في الكفاية، وفي البيان: أنَّه لا تُقبل إلَّا بِبَيِّنَةٍ، واعْلَمْ: أن الذي أوردَهُ القاضي حسين: أن العامل لا يُطالب بِبَيِّنَةٍ؛ لأن الإمامَ هو الذي يستعمله؛ فإن فُعل ذلك، استحق وإلَّا فلا، وكذا به جزَمَ صاحبُ الطلبِ، نَعَمْ لو كان الإمامُ قد استأجره من خُمْسِ الخُمْسِ فادَّعى أنَّه قبضَ الصَّدقات وتَلِفَتْ في يدِهِ من غير تفريطِ، وطلبَ الأُجرة لم يُصَدَّقْ على العمل إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ كذا جزَمَ به ولم يَعْزُهُ لأحدٍ، وعليه يحمل ما ذكرَهُ المصنِّفُ تبعًا للرافعى، وَهِيَ، أي البيِّنة، إِخْبَارُ عَدْلَينِ، أي لإسماع القاضي وتقدَّم الدَّعوى والإنكار وَالاِسْتِشْهَادِ، ويُغْنِي عَنْهَا الاِسْتِفَاضَةُ، بحصول العلم أو غَلَبَةِ الظَّنِّ وعليه حُمل قوله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ في حديث قبيصة [وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتى يَقُوْلَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ] أخرجَهُ مسلمٌ (٣٢١). فإن القصدَ من الثلاثة الإشارةُ إلى الاستفاضة، فإنَّ أدْنَى ما تَحْصُلُ به


(٣٢١) عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِق، قَالَ: تَحَمَّلْتُ حَمَالَة؛ فَأَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أسْأَلُهُ فِيْهَا؛ فَقَالَ: [أقِمْ يَا قَبِيْصَةُ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ]. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: [يَا قَبِيصَةُ: إِنَّ الصَّدَقَهَ لا تَحِلُّ إِلَّا لأحَدِ ثَلَاثَةٍ: رَجُلٌ تَحَمَّلَ حَمَالَة فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَة حَتَّى يُصِيْبَ قَوَامًا مِنْ عَيشٍ أو سَدَادًا مِنْ عَيش. وَرَجُلٌ أصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّت لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيْبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ. وَرَجُلٌ أصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَشْهَدَ ثَلَاثةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ قَدْ أصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ؛ فَحَلَّت لَهُ الْمسْأَلَةِ حَتى يُصِيْبَ قَوَامًا مِن عَيْشٍ أوْ سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ. فَمَا سِوَى هَذَا مِنَ المسْألة يَا قَبيْصَةُ سُحْتٌ يَأكُلُهَا صَاحِبُهَا =

<<  <  ج: ص:  >  >>