على طرق أصحُّها: أنهما في سقوطِ الفرضِ، ولا خلاف في تحريمهِ والأصحُّ طردُ الخلاف في النفل إلى مسافة القصرِ ودونها، قال الرافعيُّ: والخلاف في المسألة ظاهرٌ فيما إذا فَرَّقَ رَبُّ المالِ، أما إذا فَرَّقَ الإمامُ فالأشبه جوازُ النقل له؛ والتَّفْرِقَةُ كيفَ شاءَ. قال المصنِّفُ في شرح المهذب: قد نقلهُ صاحبُ المهذبِ؛ والراجِحُ القطعُ به للإمامِ والسَّاعى، وهو ظاهرُ الأحاديث؛ قُلْتُ: ويُستثنى مع هذه المسألة أَيضًا ما إذا كان له نِصَابٌ من الغَنَمِ نصفُهُ ببلدٍ ونصفُهُ بآخر، فإنَّ له أن يخرجَ شاةً بأحدِ البلدين شاء على الأصح فرارًا من التشْقِيْصِ.
وَلَوْ عَدِمَ الأَصْنَافَ في بَلَدٍ وَجَبَ النَّقْلُ، أي إلى أقرب بلد إليه، أَوْ بَعْضَهُمْ وَجَوَّزْنَا النَّقْلَ وَجَبَ، وِإلَّا فَيُرَدُّ عَلَى الْبَاقِيْنَ؛ لأن عدمَ الشيء من موضعه كالعدم الْمُطلقِ، وَقِيلَ: يُنْقَلُ، أي إلى أقرب بلد إليه؛ لأن استحقاقَ الأصنافِ منصوصٌ عليه فيقدَّم على رعايةِ المكان الذي ثَبَتَ بالاجتهادِ، وهذا ما صحَّحَهُ صاحبُ المهذب وحكاهُ قولًا؛ وخصَّصَ الماورديُّ الخلاف بما عدا الغُزاة وقال: إِنَّ نصيبَ الغُزاة ينقلُ إلى البلد الذي هُمْ فيه قطعًا؛ لأنهم يكثرون في الثغُوْرِ، ويَقِلُّونَ في غيرها. ثم محلُّ الخلاف أَيضًا فيما إذا عدم غير العامل، أما إذا عدم العامل فإن سهمه يَسقطُ.
فَصْلٌ: وَشَرْطُ السَّاعِي كَوْنُهُ حُرًّا عَدْلًا، أي فلا يكونُ عبدًا ولا فَاسِقًا لنقصِهِمَا، فَقِيْهًا بِأَبْوَابِ الزَّكَاةِ، أي بأنْ يعرِفَ ما يأخذه؛ ومن يُعطه؛ وقَدْرَ العطاءِ، ومن تجبُ عليه؛ لأنها ولايةٌ من جهة الشَّرْع تفتقرُ إلى الفِقْهِ فأشبَهَتِ القَضَاءَ، فَإِنْ عُيِّنَ لَهُ أَخَذٌ وَدَفْعٌ لَمْ يُشْتَرَطِ الْفِقهُ؛ لأنها رسالةٌ لا ولايةٌ، قال الماورديُّ: ولا الإِسلامُ ولا الْحُرِّيَّةُ أَيضًا وفي الأوَّل نظرٌ.
فَرْعٌ: الْمَرْأَةُ لا تكونُ عاملةً؛ ذكرَهُ الرافعيُّ في آخر الصنفِ الأول. وجزَمَ به الماورديُّ أَيضًا؛ لكنه قالَ؛ أعني الماوردي في موضع أخر: يجوزُ مع الكراهةِ.
وَلْيُعْلِمْ شَهْرًا لأَخْذِهَا، أيْ نَدْبًا، وقيلَ: وُجُوبًا، والإعلامُ إما من الإمامِ أو من السَّاعى، وفائدتُهُ أن يَتَهَيَّأَ أربابُ الأموالِ لقدومِهِ وليؤدُّوا ما عليهم ويندبُ أنْ يكون