مثلِهِ، لا بَيْنَ آحَادِ الصَّنْفِ، لعدم حصره، إِلَّا أَنْ يُقَسِّمَ الإِمَامُ فَيَحْرُمُ عَلَيهِ التَّفْضيْلُ مَعَ تَسَاوِي الْحَاجَاتِ؛ لأن عليه التعميم فيلزمُهُ التَّسْوِيَةُ بخلاف المالك، فإنَّه لا تعميمَ عليه فلا تسويَةَ، كذا نقلَهُ الرافعيُّ عن التَّتِمَّةِ معلِّلًا بما ذكرنَاهُ. وهو مخالف لما قدَّمه قبله بدون صفحةٍ من وجوب الاستيعاب على المالك عند انحصار المستحقينَ وتوفية المال لهم، وقد وافقَ المتولي على التفضيل الماورديِّ والبندنيحيِّ وابن الصباغِ وقال المصنِّفُ في الرَّوضة: إنَّهُ وإنْ كان قويًّا في الدَّليل فهو خلاف مقتضى إطلاق الجمهور استحبابَ التَّسْوِيَةِ، وفي الْمَطْلَبِ عن ابن داود حكايةً عن النصِّ استحبابُ التسويَةِ أَيضًا.
فَرْعٌ: حيثُ لا يجبُ الاستيعاب؛ ففي الروضة عن الأصحاب: أنَّه يجوزُ الدَّفعُ إلى المستحقين بالبلد والغُرباء؛ ولكن المستوطنونَ أفضلُ؛ لأنهم جيرانُهُ.
فَائِدَةٌ: قال القفالُ في فتاويه: إذا صرفَ مالًا إلى فقيهٍ؛ وقالَ: إِعْطِهِ تَلَامِذَتَكَ. فإنَّه لا يجوزُ تخصيصُ البعضِ بل تجبُ القِسْمَةُ بينهم على السواء، اللَّهُمَّ إلَّا أن يكون قال لهُ: أنتَ أعلمُ في صرفِهِ إليهم فحينئذٍ جازَ التَّخْصِيْصُ والتَّفْضِيْلُ.
وَالأَظْهَرُ مَنْعُ نَقْلِ الزَّكَاةِ، أي منعُ تحريمٍ لا يسقطُ به الفَرْضُ؛ لأن طمعَ المساكين في كُلِّ بلدٍ يمتَدُّ إلى ما فيها من المال، والنقلُ يُوْحِشُهُمْ، والثاني: الجوازُ، ومنهم من قَطَعَ بِهِ، كما حكاهُ في البَحْرِ؛ لأن الآيةَ مطلقةٌ؛ وبالقياس على الكَفَّارَةِ والنَّذْرِ وَالْوَصِيَّةِ فإن المذهب جوازُ نقلها، لكن الفَرْقَ أن الأطماعَ لا تمتدُّ إليها امتدادها إلى الزكاة، وأختار الرويانيُّ في الْحِلْيَةِ الإجزاءَ، وقال ابنُ الصلاح في فتاويه؛ وقد سُئل عن النَّقْلِ لقرابته إذا كان في غير بلدِهِ: الأظهرُ جوازُهُ بشرطِهِ، وقال ابن عُجيل اليَمَنِي: ثلاثُ مسائل في الزَّكاة يُفتى فيها خلافَ المذهبِ؛ نقلُ الزَّكَاةِ؛ ودفعُ زَكَاةِ واحدٍ إلى واحدٍ؛ ودفْعُها إلى صنفٍ واحدٍ. وينبغي أن يُلحقَ بالكفارَةِ وَالنَّذْرِ وَالْوَصِيَّةِ في جوازِ النَّقْلِ الأوقاف الجارية على الفقراء والمساكين إذا لم ينصَّ الواقفُ على بلدٍ، وإن لم أرَهُ منقولًا، واختلفَ الأصحابُ في موضع القولين