للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمرادُ بالمحتاج التَّائِقُ. والأُهْبَةُ بضمِّ الهمزة المرادُ بها هنا مُؤَنُ النِّكَاحِ؛ وأُهْبَةُ كلِّ شيءٍ ما يُعْتَدُّ بِهِ لَهُ، وحكمُ المرأةِ كالرجُل، لكنها لا تحتاجُ أُهْبَةً. وقيَّد صاحبُ التنبيه الاستحبابَ في حقِّهما لمن هو جائزُ التصرف تبعًا للشافعيِّ رَحِمَهُ الله في الأُمِّ ولم يقيدْهُ بذلك في المختصر وعليه جرى الجمهورُ.

فَإِنْ فَقَدَهَا اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ، أي الأولى تركُهُ لفقدِ أُهْبَتِهِ، ولما في النكاح من التزام ما لا يقدُر عليه، وَيكْسِرُ شَهْوَتَهُ بِالصَّوْمِ، للأمر به في الصحيحين (٣٣٩)؛ وهذا أمرُ إرشادٍ ولا يكسرها بالكافُورِ ونحوه، فَإِنْ لَم يَحْتَجْ كُرِهَ إِن فَقَدَ الأُهْبَةَ، لما فيه من التزام ما لا يقدُر على القيام بمقتضاهُ من غير حاجةٍ قال تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا ... } الآية (٣٤٠)، وعدمُ الحاجة، إما لانتفاءِ التَّوَقَانِ، وإما العجزُ كمرضٍ ونحوه كما سيأتي، وعبارةُ الشَّافِعِيِّ: الأَحَبُّ تركُهُ ولا يلزمُ منها الكَرَاهَةُ، وَإلَّا فَلَا، أي وإنْ وجدَ الأُهْبَةَ فلا يُكره له، لَكِنِ الْعِبَادَةُ أَفْضَلُ، أيِ التَّخَلِّي لها اهتمامًا بها وعدم حاجته إليه، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَتَعَبَّدْ؛ فَالنّكَاحُ أَفْضَلُ، فِي الأصَحِّ، لِئلَّا تفضى به البطالة والفراغُ إلما الفواحش، والثاني: تركُهُ أفضلُ لما فيه من الخطر بالقيام بواجبه وفي الصحيحين: [اتَّقُواْ الله وَاتَّقُواْ النّسَاءَ، فَإِن أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيْلَ كَانَتْ في النّسَاءِ] (٣٤١).


(٣٣٩) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -؛ قال: كنا مَعَ النبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: [مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ؛ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ. وَمَنْ لَم يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنْهُ لَهُ وِجَاءٌ]. رواه البُخَارِيّ في الصحيح: كتاب الصوم: باب الصوم لمن خاف على نفسه العزبة: الحديث (١٩٠٥). ومسلم في الصحيح: كتاب النكاح: باب استحباب النكاح: الحديث (١/ ١٤٠٠).
(٣٤٠) النور / ٣٢: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
(٣٤١) عن أبي سعيد الخُدرِيّ - رضي الله عنه -؛ قَالَ: [إِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَإِنَّ الله مُسْتَخْلِفُكمْ=

<<  <  ج: ص:  >  >>