للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ: وَإِذَا قَصَدَ نِكَاحَهَا؛ سُنَّ نَظَرُهُ إِلَيْهَا، للأحاديث الصحيحة الشهيرة في ذلك (٣٥٠)، وقد رأى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عائشة في نومه وفعلُهُ في المنام كاليقظةِ وبه أستدلَّ البخاريُّ وغيرُهُ (٣٥١)، قَبْلَ الْخِطْبَةِ، أي وبعد عزمِهِ على النكاح, لأنه قَبْلَ العزمِ لا حاجة إليه وبعد الخِطْبَةِ قد يقتضي الحالُ التركَ فيشقُّ عليها، وَإن لَمْ تَأْذَن، أي ويكفي إذنُ الشَّارع في ذلك للأحاديث الصحيحة (٣٥٢)، وَلَهُ تَكْرِيْرُ نَظَرِهِ، أي إذا احتاج إلى ذلك لِيَتَبَيَّنَ هَيْأَتَهَا فلا يندمَ بعد النكاح، وَلَا يَنظُرُ غَيرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، أي ظهرًا وبطنًا؛ لأنها مواضعُ ما يظهرُ من الزينة المشارِ إليها في قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (٣٥٣) وهذا يُفهم أنها إذا كانت المخطوبةُ حُرَّةً, لأنه ليس بعورةٍ، فإن كانت أمَةً فيجوزُ أن ينظر إلى ما ليسَ بعورةٍ منها، وقد نقلَهُ في المطلبِ عن مفهوم كلامهم أَيضًا لكن ظاهرُ إطلاق الشَّافعيّ في الإملاء يقتضي التسوية كما نقلَهُ البيهقيُّ في مبسوطه عنهُ.

فَرْعٌ: إذا لم يتيسَّرْ له النَّظَرُ؛ بعثَ امرأةً تتأملها وتصفها له، ووصفُ المرأةِ المرأةَ حرامٌ إلَّا في هذا الموضع، وحكى في البيان عن الصَّيْمَرِيِّ: أنَّ ذلك خلافُ السُّنَّةِ


(٣٥٠) عن المغيرة بن شعبة؛ أنَّهُ خَطَبَ امْرَأةَ، فَقَالَ النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: [أُنْظُر إِلَيْهَا. فَإِنَّهُ أحْرَى أن يُؤْدَمَ بَينَكُمَا]. رواه التِّرْمِذِيّ في الجامع: كتاب النكاح: باب ما جاء في النظر إلى المخطوبة: الحديث (١٠٨٧)، وقال: هذا حديث حسن. والنَّسائيّ في السنن: كتاب النكاح: باب إباحة النظر قبل التزويج: ج ٦ ص ٦٩ - ٧٠.
(٣٥١) عن عائشة قالت: قَالَ رَسُوْلُ الله - صلى الله عليه وسلم -: [أُرِيْتُكِ في الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرقَةِ حَرِيرٍ، فَيَقُوْلُ: هَذِهِ امْرَأتُكَ، فَأَكْشَفُهَا فَإِذَا هِيَ أنتِ. فَأَقُوْلُ: إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِندِ اللهِ يُمْضِهِ]. رواه البُخَارِيّ في الصحيح: كتاب النكاح: الحديث (٥٠٧٨).
(٣٥٢) عن أبي حميد أو أبي حميدة قال؛ وَقَد رَأى رَسُوْلَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [إِذَا خَطَبَ أحَدُكُمُ امْرَأةً؛ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا إِذَا كَانَ إِنَّمَا يَنْظُرُ لِخِطْبَتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لا تَعْلَمْ]. رواه الإِمام أَحْمد في المسند: ج ٥ ص ٤٢٤. قال الهيثمي في مجمع الزوائد: ج ٤ ص ٢٧٦: رجال أَحْمد رجال الصحيح.
(٣٥٣) النور / ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>