للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانَ أبوهُ كافرًا كَفُوءٌ لمن كانَ أبوها مُسْلمًا خلافًا لأبي حنيفة، لأنَّ فَضْلَ الدِّيْنِ لا يتعدَّى إلى الأبناءِ بخلافِ فضلِ النَّسَبِ، لكن فِي الروضة: ومَنْ أسلَمَ بنفسِهِ ليس كفوءً لمن لها أبوانِ أو ثلاثةٍ فِي الإسلام على الأصحِّ.

وَحِرْفَةٌ، لقوله تعالى: {وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} (٤٤٣)، فَصَاحِبُ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ لَيسَ كُفءَ أَرْفَعَ مِنْهُ، فَكَنَّاسٌ؛ وَحَجَّامٌ؛ وَحَارِسٌ؛ وَرَاعٍ؛ وَقَيِّمُ الْحَمَّامِ، لَيسَ كُفءَ بِنْتِ خَيَّاطٍ، وَلَا خَيَّاطٌ بِنتِ تَاجِرٍ أَو بَزَّارٍ؛ وَلَا هُمَا بِنْتَ عَالِمٍ وَقَاصٍ، لاقتضاءِ العُرفِ ذلك. وهل المؤثرُ من الحِرَفِ ما اتَّصفَ به الزوج أو ما اتصف به أحدُ آبائه؟ قال ابنُ الرفعةِ: لا شَكَّ أنَّ اتصافَ الزوجِ بها مؤثِّر إذا فُقِدَ اتصافُ المرأةِ بهِ، نَعَمْ: لو كان أبوها غيرَ متصفٍ بذلك، وَوَلِيُّهَا الحاضرُ كأخيها متصفٌ بها، إطلاقُ الأصحابِ يقتضي أنَّه غيرُ كفوءٍ لها ويُشبهُ أنْ يقال: إنْ كانَتِ الكفاءةُ معتبرةً لِحَقِّ المرأةِ فقطْ، بأن يكون أطْلَقَتِ الإِذنَ فِي التزويج، وصحَّحناهُ، فالكفاءةُ غيرُ حاصلةٍ، وإنْ كان الحقُّ للوليِّ فقط، بأنْ عَضَلَ أو غابَ ورَضِيَتْ هِيَ فيخرُجُ على الخلافِ فيما إذا وجدَ أحدُ الزوجين فِي الآخرِ عَيْبًا وبهِ مِثْلَهُ هل يثبُتُ لهُ الخيارُ؟ فإن قلنا: يثبتُ فلا كفاءةَ، وإنْ قلنا: لا يثبُتُ فالكفاءةُ حاصلة، فلو كانت حرفةُ الرجلِ كحرفة أَبِى المرأةِ لكن حرفةُ أبي الزوج دونَ ذلك. كلامُ الإمامِ يُفْهِمُ: أنَّ ذلك يؤثُرُ فِي الكفاءَةِ وعليه جَرَى الرافعيُّ.

وَالأصَحُّ؛ أَنَّ اليَسَارَ لَا يُعْتَبَرُ، لأنَّ المالَ غادٍ ورائحٍ، فَلَا يَفْتَخِرُ بِهِ أَهْلُ الْمُرُوءَاتِ وَالبَصَائِرِ، والثانى: يعتبر، لأنه إذا كان مُعسرًا لم ينفق على الولدِ وتَتَضَرَّرُ هي بنفقتِهِ عليها نفقةَ المُعْسِريْنَ، وادَّعَى الرويانىُّ أنهُ المذهبُ وصحَّحَهُ سليمٌ والفارقيُّ واستدَلَّ لهُ بقوله - صلى الله عليه وسلم -[أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، (٤٤٤) فعلى هذا قيل: يعتبرُ اليسار بقدرِ المهرِ والنفقةِ، والأصحُّ أنهُ لا يكفي ذلك بل الناسُ أصنافٌ غَنِيٌّ وفقير ومتوسطٌ، وكُلُّ صنفٍ أكفاءُ، وإنِ اختلفَتِ المراتِبُ. قال ابنُ الرفعة: فإذا


(٤٤٣) النحل / ٧١.
(٤٤٤) تقدم فِي الرقم (٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>