اعتبرنا اليَسَارَ فذلك إذا كانت الكفاءَةُ مطلوبةً لِحَقّ المرأةِ، أما إذا كانت معتبرةً لِحَقِّ الوليِّ لِعَضُلِهِ أو غَيْبَتِهِ ورضيَتِ المرأةُ فهل يُعْتَبَرُ أو لا؟ يظهرُ أنْ يكونَ فيه احتمالان أرجَحُهُمَا: لا.
وَأَنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ، أي حتَّى لا تُزَوَّجَ سليمةٌ من العيوبِ دَنِيَّةٌ مِنْ مُعَيَّبٍ نَسِيبٍ، ولا حُرَّةٍ فاسقَةِ مِن عَبْدٍ عفِيفٍ، ولا عربيَّةٍ فاسقَةٍ مِن عَجَمِيٍّ عَفِيْفٍ، ولا عفيفةً رقيقةً من فاسقٍ حُرٍّ، بل يكفي صفةُ النقصِ فِي المنع من الكفاءَةِ، وفَصَلَ الإِمامُ فقال: السَّلامَةُ مِن العيوبِ لا تُقَابَلُ بسائِرِ فضائِلِ الزَّوج، وكذا الْحُرِّيَّةُ لا تُقابلُ بفضيلةٍ أخرى، وكذا النَّسَبُ. وفي انجِبارِ دَنَاءَةِ نَسَبِهِ بِعِفَّتِهِ الظاهرةِ وجهان أصَحُّهُما المنعُ. قال: والتَّنَقّى مِن الحِرف الدنيَّةِ يُقابلهُ الصَّلاح وفاقًا واليسارُ إنِ اعتبرناهُ يُقَابَلُ بكلِّ خَصْلَةٍ والأمَةُ العربيَّةُ بالْحُرِّ العَجَمِيِّ على هذا الخلاف، وقولُ الإِمامِ هذا؛ هو قولُ المقابلِ لكلام المصنف فَاعْلَمْهُ، وقال ابنُ الرفعة فِي العيوب: هذا إذا كانَتِ الكفاءَةُ مطلوبةً لِحَقّهَا فقطْ وإن كانت مطلوبةً لِحَقِّ الوليِّ فقط، فيظهرُ أنْ يَنْجَبِرَ العيبُ بالفضائل، وكذا بالصَّلاح الظَّاهرِ إذا قُلْنَا يَنْجَبِرُ بِهِ فَقْدُ النَّسَبِ، نَعَمْ: لو كانَ بالزوجَةِ عَيْبٌ مِثْلُ عَيْبِ الرَّجُلِ أو دونَهُ فهل يمنعُ من التزويج بدون رضَاها؟ فيه خلاف، والأصحُّ المنعُ. وقال الغزاليُّ: إن كان الغالِبُ الانتسابَ إلى رَسُولٍ - صلى الله عليه وسلم - فلا يوازِيهِ الانتسابُ إلى غيرهِ من العلماءِ والصُّلحاءِ، وهل يُوازِيْهِ الصَّلاحُ الظاهرُ المشهورُ فِي الخاطِبِ؟ الأصحُّ: لا، وقيل: يَنجَبِرُ بِهِ، وجعلَ صاحِبُ الذَّخَائِرِ هذا الخلافَ فِي الانتسابِ إلى غيره، هل يوازيه الصَّلاحُ فِي الخاطبِ، وهو أحسَنُ.
فَائِدَةٌ: فِي البُويطي قولٌ: أَنَّ الكَفَاءَةَ فِي الدِّيْنِ وَحْدَهُ، وَدَلِيْلُهُ مِنْ حَيْثُ السُّنَّةِ قَوِيٌّ، وَهُوَ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -[إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِيْنَهُ وَخُلُقَهُ فَانْكِحُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُواْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ، رواه الترمذى من حديث أبي حاتمٍ المزنيِّ وقال: حسنٌ غريبٌ وأخرجه أيضًا من حديث أبي هريرة (٤٤٥) وفي صحيح ابن حبان من
(٤٤٥) * رواه الترمذي فِي الجامع: كتاب النِّكَاح: باب ما جاء إذا جاءكم من ترضونَ دِينهُ: الحديث (١٠٨٥)، وقال: هذا حديث حسن غريب. وأبُو حَاتِمِ المُزَنِيُّ لَهُ =