للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيْ وبعدَ التحريفِ وهذا إذا دخلُوا في الْمُحَرَّفِ؛ فإن لم يدخُلُوا فيه فالأظهرُ الحِلُّ كما ذكرَهُ في الروضة تبعاً للرافعى، وَاعْلَمْ: أنَّ ما تقرَّرَ من التحريمِ في هذا القسمِ هو فيما إذا كان الدُّخُولُ في ذلك من دِينٍ لا يُقَرُّ أهلُهُ عليهِ كَالتَّوَثُّنِ وإلَّا فمَنْ تَهَوَّدَ اليومَ أو تَنَصَّرَ فقد دخلَ في ذلك الدِّينِ بعدَ النَّسْخِ والتَّحْرِيْفِ وفي مُنَاكَحَتِهِ قولانِ؛ منهما انتقلَ من دِينٍ يُقَرُّ أهلُهُ عليه إلى مثلهِ. وبقي من تتمَّةِ المسألةِ صورةٌ ثالثةٌ وهي ما إذا دخَلُوا بعدَ التحريفِ والنسخِ ولا تحِلُّ مناكحَتُهم قطعاً، واحترز المصنِّفُ بقولهِ أوَّلاً: (إِنْ عُلِمَ) عمَّا إذا لم يُعْلَمْ متى دخلُوا فلا تحِلُّ مناكحتهم أيضاً، وبقوله قبلَهُ: (فَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْكِتَابِيَّةُ إِسْرَائِيْلِيَّةً) عما إذا كانَتْ إسرائيليَّةً فإنه يجوزُ نكاحُها مطلقاً ويكفي العِلْمُ بالدُّخُولِ قبلَ النسخِ لشرفِ النسبِ، قالهُ الأصحابُ واستشكَلَهُ الرافعيُّ.

فَائِدَةٌ: الإسرائيليَّةُ نسبةٌ إلى إسرائيلَ وهو يعقوبُ ومعناهُ عَبْدُ اللهِ.

وَالْكِتَابِيَّةُ الْمَنْكُوحَةُ كَمُسْلِمَةٍ فِي نَفَقَةٍ وَقَسْمٍ وَطَلاَقٍ، أيْ وعامَّةِ أحكامِ النكاحِ لاشتراكهِما في الزوجيَّةِ المقتضِيَةِ لذلكَ، لكن لا تَوَارُثَ بينَها وبينَ المسلمِ ولا تغسِلُهُ إنِ اعتبرنا نيَّةَ الغاسِلِ ولم تصحَّح نيَّتُها، وَتُجْبَرُ عَلَى غُسْلِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ، لأنَّ التمكين من الوطءِ واجبٌ عليها وهو لا يحِلُّ بدونِهِ، فإن لم تفعل غَسَلَهَا الزوجُ واستفادَ الحِلَّ وإن لم ينوِ للضرورَةِ، كما تُجْبَرُ المسلمةُ المجنونةُ، وقيلَ: ينوِي عنها، قالهُ القاضي حُسين، وعن الحليميِّ تخريجاً على الإجبارِ على الغُسْلِ أنَّ للسَّيِّدِ إجبارَ أَمتِهِ المجوسيَّةِ والوثنيَّةِ على الإسلامِ، لأنَّ حِلَّ الاستمتاعِ يتوقَّفُ عليهِ والصحيحُ خلافُهُ لأنَّ الرِّقَّ أفادَها الأمانَ مِن القتلِ فلا تجبُ كالْمُستأمنةِ وليس كالغُسْلِ فإنهُ لا يَعْظَمُ الأمرُ فيه، وَكَذَا جَنَابَةٍ وَتَرْكِ أَكْلِ خِنْزِيرِ فِي الأطهَرِ، كما يجبرها على إزالة النجاسة. والثاني: لا إجبارَ؛ لأنه لا يمنعُ الاستمتاعَ والخلافُ جارٍ في كلِّ ما يمنعُ كمالَ الاستمتاعِ، وَتُجْبَرُ هِيَ وَمُسْلِمَةٌ عَلَى غَسْلِ مَا نَجُسَ مِنْ أَعْضَائِهِمَا، أي قطعاً ليتمكَّنَ من الاستمتاع بها، وأطلقَ البغويُّ إجبارَ المسلمَةِ على غسل الجَنابَةِ، قال في الروضة: وليس هو على إطلاقهِ، بل هو فيما إذا طَالَ بحيثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>