في الروضةِ، وبعضُ نُسَخِ الرافعيِّ لكن في النسَخِ المعتمَدَةِ منهُ أنَّ الجديدَ عدمُ الاستحبابِ، وَاعْلَمْ: أنهُ يستثنَى من قولِ المصنِّفِ: (وَمَا صَحَّ مَبِيْعاً صَحَّ صَدَاقاً)؛ جعلُ رقبَةِ العبدِ صَدَاقاً للمرأةِ، وجعلُ الأبِ والدَةُ ابنه صَداقاً لابنهِ، وجعلُ أحدِ أبَوَي الزوجةِ الصغيرةِ صَداقاً لها؛ فإنَّ ذلكَ لا يثبتُ صداقاً مع شرائطِ المبيعِ في كلِّ واحدةٍ عن الصُّوَرِ المذكورةِ، وقد يُجَابُ بأنهُ يصحُّ إصداقُهُ في ذاتِهِ والمانعُ لمعنَى آخر. وقال الشيخُ أبو حامدٍ: كما لا يجوزُ السَّلَمُ في الجواهِرِ لا يجوزُ جعلُها صَدَاقاً وكذلك القِسِيْ.
فَصْلٌ: وَإِذَا أَصْدَقَهَا عَيْناً؛ فَتَلِفَت فِي يَدِهِ ضَمِنَهَا ضَمَان عَقْدٍ، كالمبيع في يدِ البائع، وَفِي قَوْلِ: ضَمَان يَدٍ، كَالْمُسْتَعَارِ وَالْمُسْتَامِ، فَعَلَى الأَوَّلِ لَيْسَ لَهَا بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، لما سبقَ في البيعِ، وعلى الثاني: نَعَمْ، وَلَوْ تَلِفَ في يَدِهِ وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ، لأنه بدلُهُ، وعلى الثانى: الصداقُ بتلفٍ على مِلكِها فيجبُ لها مثلَهُ إن كان مِثْلِيًاً وقيمتُهُ إن كان مُتَقَوَّماً، وَإنْ أَتْلَفَتهُ فَقَابِضَةٌ، أيْ وَبُرِّئَ الزوجُ، وِإِن أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ تَخَيَّرَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ، لفواتِ وصفِ السلامَةِ، فَإِنْ فَسَخَتِ الصَّدَاقَ أَخَذَت مِنَ الزَّوْجِ مَهْرَ مِثْلٍ، وَإِلاَّ غَرَّمَتِ الْمُتْلِفَ، وأشارَ بالمذهبِ إلى أنَّا إنْ قُلْنَا: إنَّ إتلافَ الأجنبيِّ المبيعَ قبلَ القبضِ كتلفِهِ بالآفَةِ السماويَّةِ فالحكمُ كما مَرَّ، وإنْ قُلْنَا: يوجِبُ الخيارَ للمشترِي؛ وهو الأصحُّ، فللمرأةِ الخيارُ إنْ شاءَتْ فسخَتِ الصَّداقَ وحينئذٍ تأخُذُ من الزوجِ مَهْرَ المِثْلِ إن قُلْنَا بضمانِ العقدِ، ومثلَ الصداقِ أو قيمتِهِ إنْ قلنَا بضمانِ اليدِ ويأخذُ الزوجُ الغُرْمَ من الْمُتْلِفِ وإنْ لم يفسِخْ أخذَتْ من الْمُتْلِفِ الْمِثْلَ أو القيمةَ ولها أنْ تطالِبَ الزوجَ بالغُرْمِ فيرجعُ هو على الْمُتْلِفِ، إنْ قلنا بضمانِ اليدِ أو قلنَا بضمانِ العقدِ فليس لها مطالبتهُ، وَإنْ أَتْلَفَهُ الزَّوْجُ فَكَتَلَفِهِ، أيْ بنفسهِ، وَقِيلَ: كَأَجْنَبِيٍّ، الخلافُ مبنيٌّ على الخلافِ في أنَّ إتلافَ البائعِ المبيعَ قبلَ القبضِ كالتلفِ بالآفَةِ السماويَّةِ أو كإتلافِ الأجنبيِّ، والأصحُّ الأوَّلُ، وقد بيَّنّا حكمَ الصداقِ على التقديرينِ.