وَلَوْ أَصْدَقَ تَعْلِيمَ قُرْآنٍ وَطَلَّقَ قَبْلَهُ فَالأَصَحُّ تَعَذُّرُ تَعْلِيمِهِ، لأنها صارَتْ أجنبيَّةً ولا تُؤْمَنُ المفسدةُ لو عَلَّمَ، وهذا هو المنصوصُ في المختصرِ وأيضاً فالقيامُ بتعليمِهِ نصف مشاع غيرُ ممكنٍ والقولُ باستحقاقِ نصفِ مُعَيَّنٍ دونَ نصف آخر تَحَكُّمٌ ومُفْضٍ إلى النزاعِ؛ لا سيما والسورةُ الواحدةُ مختلفةُ الآياتِ طُوْلاً وقِصَراً وسهولةً وصعوبةً فتعيَّنَ المصيرُ إلى البدلِ، والثاني: لا، بأنْ يعلِّمَها من وراءِ حجابٍ من غيرِ خُلْوَةٍ، وقوله:(وَطَلَّقَ) أحسنُ من تعبرِ الحاوي بقولِهِ: فَبَانَتْ؛ لأنها أَعَمُّ.
وَيجِبُ مَهْرُ مِثْلِ بَعْدَ وَطْءٍ وَنِصْفُهُ قَبْلَهُ، جرياً على القاعدةِ، واحترَزَ بقوله:(قَبْلَهُ) عمَّا إذا طلَّقَها بعد التعليمِ؛ فإنهُ إنْ كانَ بعد الدخولِ فذاكَ، وإنْ كانَ قبلَهُ فيرجِعُ عليها بنصفِ أُجْرَةِ التَّعْلِيْمِ، ثُمَّ اعْلَمْ: أنَّ ما ذكرَهُ المصنِّفُ وهو فيما إذا كان التعليمُ بنفسِهِ، أمَّا إذا كان التعليمُ في الذِّمَّةِ فلا يتعذَّرُ ذلكَ بالطلاقِ، بَلْ تَسْتَأْجِرُ امْرَأَةً أَوْ مَحْرَماً لِيُعَلِّمَهَا.
فَصْلٌ: وَلَوْ طَلَّقَ، أيْ قَبْلَ الدخولِ، وَقَدْ زَالَ مِلْكُهَا عَنْهُ، أيْ عن الصداقِ إمَّا ببيعٍ أو إعتاقٍ أو هِبَةٍ مقبوضةٍ، فَنِصْفُ بَدَلِهِ، أيِ المثل إن كان مِثْلِيًّا، والقيمةُ إنْ كان متقوَّماً لهلاكهِ، فَإِنْ كَانَ زَالَ وَعَادَ، أي ثم طلَّقَها قبلَ الدخولِ، تَعَلَّقَ بالْعَيْنِ فِي الأصَحِّ، لأنهُ حَقُّهُ لا يختصُّ بالعينِ بل يتعَّلقُ بالبدلِ، فالعينُ العائدةُ أوْلَى من البدلِ، والثانى: أنَّ حقَّهُ ينتقلُ إلى البدلِ؛ لأنَّ الْمِلْكَ الآنَ مستفادٌ من جهةٍ أُخرى لا من جهةِ الصداقِ.
وَلَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ ثُمَّ طَلَّقَ فَالأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ نِصْفَ بَدَلِهِ، كما لو وهبَتْهُ لأجنبيِّ ووهبَهُ أجنبىٌّ لهُ، والثاني: لا يرجعُ عليها بشئٍ؛ لأن النصفَ يُعَجَّلُ إليه بالهبةِ والأصحُّ طردُ الخلافِ سواءٌ قبضَتْهُ أمْ لا.
فَرْعٌ: لو كانَ الصداقُ دَيْنًا فوهبَتْهُ منهُ كلهُ جرَى الخلافُ ومنهم من قطعَ بالرجوع.