للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البالغَةِ وزوجُها؛ فإنَّ الصحيحَ أنها هى التي تَحْلِفُ؛ وقيل: الوليُّ لأنهُ العاقدُ.

وَلَوْ قَالَتْ: نَكَحْنِي يَوْمَ كَذَا بِأَلْفٍ وَيوْمَ كَذَا بِألْفٍ وَثَبَتَ الْعَقدَانِ بإقرَارِهِ أَوْ بِبَينَةٍ لَزِمَهُ ألْفَانِ، أيْ ولا يحتاجُ إلى التعرُّضِ لتخلُّلِ الفُرقةِ؛ ولا لحصُولِ الوطئِ؛ لأن كلَّ عقدٍ منهُما ثبتَ مسمَّاهُ والأصلُ بقاؤُهُ وسمعْنَا الدَّعْوَى في هذه الصورةِ لإمكان ذلكَ بأنْ يطأهَا في اليوم الأوَّلِ ويخالِعُها، وينكحُها في الثانى، فَإن قَالَ: لَمْ أَطَأْ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا؛ صُّدِّقَ بِيَمِيْنِهِ، لأنَّ الأصلَ عَدَمُهُ، وَسَقَطَ الشَّطْرُ، لأنَّ ذلكَ فائدةُ تصديقِهِ، وَإنْ قَالَ: كَانَ الثَّانِي تَجْدِيدَ لَفْظٍ لاَ عَقدًا لَمْ يُقْبَل، كما لو قالَ لغيرِهِ: بِعْ هذا العبدَ مِنِّى ثم ادَّعَى أنهُ مِلْكُهُ والأصحُّ أن الخلافَ صحَّحَهُ الجرجانىُّ في شَافِيْهِ، وهلْ لهُ تحليفُ المرأةِ على نَفْيِّ ذلكَ؟ وجهانِ؛ أصحُّهما: نَعَم؛ لإمكانِهِ.

فَصْلٌ: وَلِيمَةُ العُرْسِ سُنَّةٌ، كسائِرِ الوَلاَئِمِ، وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ: وَاجِبَةٌ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - لعبدِ الرحمن بنِ عوفٍ: [أوْلمْ وَلَوْ بِشَاةٍ] (٤٩٧) والأوَّلُ حَمْلُ هذا الأمرِ على الاستحبابِ، والأصحُّ أن الخلافَ قولينِ كذا صحَّحَهُ الجرجانيُّ في شَافِيْهِ، وقيلَ: فرضُ كفايةٍ حكاهُ الماورديُّ وقالَ: إِنَّهُ فَاسِدٌ، ونقلَ القاضِي عياض اتفاقَ العلماءِ على وجُوبِ الإجابَةِ في وَليْمَةِ العُرْسِ واختلَفُوا فيما سِوَاهَا، فقالَ الجمهورُ: لا يجبُ، وقال أهلُ الظَّاهِرِ: تجبُ الإجابةُ إلى كُلِّ وليمةٍ من عُرْسٍ وغيرِهِ، وبهِ قالَ بعضُ السَّلَفِ، وَالإجَابَةُ إِلَيهَا فَرْضُ عَين، لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: [شَر الطعَامِ طَعَامُ الوَليمَةِ، يُدْعَى


(٤٩٧) عن أنس - رضي الله عنه -؛ قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ المَدِيْنَةَ، فَآخَى النَّبيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبيْع الأنصَارِيِّ؛ وكان سَعْدٌ ذا غِنَى؛ فَقالَ لعَبْدِ الرَّحْمَن: أقَاسِمُك مَالِى نِصَفْيْنِ وَأُزَوِّجُكَ. قَالَ: بَارك اللهُ لَكَ فِى أهْلِك وَمَالك، دُلُّونِى عَلَى السُّوقِ، فمَا رَجَعَ حَتَّى اسْتَفْضَلَ أقِطًا وَسَمْنًا، فأَتَى بهِ أهْلَ مَنْزِلهِ فَمَكَثْنا يسِيْرًا -أوْ مَا شاءَ اللهُ - فَجَاءَ وَعَلَيْهِ ضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: [مَهِيمْ؟ ] قَالَ: يَا رَسُوْلَ الله تزَوَّجْتُ امْرَأةٌ مِن الأَنْصَارِ. قَالَ: [مَا سُقْتَ إِلَيْهَا؟ ] قَالَ: نوَاةً مِنْ ذَهَبِ. قَالَ: [أوْلِمْ ولَوْ بِشاةٍ]. رواه البخارى في الصحيح: كتاب البيوع: الحديث (٢٠٤٩). ومسلم في الصحيح: كتاب النكاح: باب الصداق: الحديث (٧٩/ ١٤٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>