للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالجوازِ، فلو استصحَبَ بعضهُنَّ قضَى للمتخلفاتِ، وقيل: لا يقضى مدَّةَ السفرِ إنْ أَقْرَعَ.

وَفِي سَائِرِ الأَسْفَارِ الطَّوِيْلَةِ، وَكَذَا الْقَصِيْرَةِ فِي الأَصَحِّ يَسْتَصْحِبُ بَعْضَهُنَّ بِقُرْعَةٍ، أمَّا الطويلةُ فللنصِّ (١٢)، وأمَّا القصيرةُ فبالقياسِ وهو عمومُ وقوعهِ وغلبَةُ الحاجةِ إلى استصحابِ بعضِهِنَّ فيهِ، ووجهُ مقابلهِ: وهو أنه لا يجوزُ أن يستصحِبَ بعضَهُنَّ فيه بقرعةٍ ولو فعل قضَى لأنها في حُكمِ الإقامةِ، وليس للمقيمِ أنْ يخصِّصَ بعضَهُنَّ بالقرعةِ، وَلاَ يَقْضِي مُدِّةَ سَفَرِهِ، لأنه لم يُنقل، فَإنْ وَصَلَ الْمَقْصِدَ، أي بكسر الصاد، وَصَارَ مُقِيْماً قَضَى مُدَّةَ الإِقَامَةِ، لاَ الرُّجُوعِ فِي الأَصَحِّ، لأنه خرجَ بالقرعةِ فصارَ كمدَّةِ الذهابِ، والثاني: يقضِيها؛ لأنَّ السفرَ قد انقطعَ بالإقامةِ وهذا سفرٌ بغيرِ قرعةٍ.

فَرْعٌ: قال الغزاليُّ: شرطُ عدم القضاءِ أنْ يكونَ السفرُ طويلاً مرخصاً، قال الرافعيُّ: هذا يقتضي وجوبَ القضاءِ في سفرِ المعصيةِ، وفي الماورديِّ: أنهُ لا فرقَ في وجوبِ الإجابةِ على الزوجةِ عند أَمْنِ السفرِ بين أنْ يكونَ سفرُهُ في معصيةٍ أمْ لا! لأن حقَّهُ لا يسقطُ بالسفرِ بالمعصيةِ.

فَرْعٌ: هل يَلْزَمُهُنَّ ركوبُ البحرِ إذا كان الغالبُ فيهِ السلامةُ؟ قال صاحبُ المطلب: لم أرَ فيه نقلاً، ويشبِهُ أن يُخْرَّجَ على الخلافِ في ركوبهِ للحَجِّ إذا تعيَّنَ طريقاً إلاَّ أنْ يقالَ حَقُّ الله مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَاهلَةِ وَحَقُّ الآدَمِيِّ مَبْنيٌّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ.

فَصْلٌ: وَمَنْ وَهَبَتْ حَقَّهَا لَمْ يَلْزَمِ الزَّوْجُ الرِّضَى، لأنها لا تملِكُ إسقاطَ حقِّهِ، فَإنْ رَضِيَ وَوَهَبَتْ لِمُعَيَّنَةٍ بَاتَ عِنْدَهَا لَيلَتَيْهِمَا، وَقِيْلَ: يُوَالِيْهِمَا، أي إذا رَضِي


(١٢) لحديث عائشة رضي الله عنها؛ قالت: (إِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَراً أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ). رواه البخارى في الصحيح: كتاب النكاح: باب القرعة بين النساء إذا أراد سفراً: الحديث (٥٢١١). ومسلم في الصحيح: كتاب فضائل الصحابة: باب في فضل عائشة رضي الله عنها: الحديث (١٨٨/ ٢٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>