للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لو لم يتردد، وقد ضبطه الإمام بحد الغوث؛ لأن إلزامه التردد فوق ذلك إضرار به، وضابط المصنف يخالفه؛ فإنه أزيد منه في المسافة بكثير، وقال المصنف في شرح المهذب: أطلق الشافعي وغيره إنه لا يجب التردد، فَاِنْ لَمْ يَجِدْ تَيَمَّمَ، لحصول العجز وهذا إجماع، فَلَوْ مَكَثَ مَوْضِعَهُ، أي ولم يحدث ما يوهم ماء، فَالأَصَحُّ وُجُوبُ الطَّلَبِ لِمَا يَطْرَأُ، أي مما يوجب التيمم من حدث وفريضة أخرى ونحوهما كما في إعادة الاجتهاد في القِبلة، والثاني؛ لا؛ لأنه لو كان ثَم ماء لظفر به بالطلب الأول؛ فإِن فارق موضعه أعاد الطلب قطعًا، فَلَوْ عَلِمَ مَاءً يَصِلُهُ الْمُسَافِرُ لِحَاجَتِهِ، أي كالاحتطاب ونحوه، وَجَبَ قَصْدُهُ، لانتفاء المشقة وهذا حَدُّ القرب، وهو فوق حد الغوث الذي يقصد عند التوهم، وقال مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: ولعله يقرب من نصف فرسخ، إِنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرَ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ، أي من نفسه أو غيره، اللهم إلّا أن يكون قدرًا يجب احتماله في تحصيل الماء ثمنًا أو أجرة، نقله في شرح المهذب عن الأصحاب، وكذا إذا خاف فوت وقت أو رفقة وغير المال مما هو منتفع به كالكلب، وفي إلحاقه

به نظر، فَإِنْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ تَيَمَّمَ، أي بأن يكون بعيداً لا يناله في الوقت؛ لأنه فاقد في الحال، فلو ألزمناه انتظاره لما ساغ التيمم أصلًا، قال الرافعي: والأشبه بكلامهم أن الاعتبار في هذه المسافة من أول وقت الصلاة الحاضرة لو كان نازلًا في ذلك الموضع وهو مقتضى كلام المصنف أيضًا، وقال المصنف في الروضة: الظاهر من عباراتهم؛ أن الاعتبار بوقت الطب وهو ظاهر النص، وَلَوْ تَيَقَّنَهُ آخِرَ الْوَقْتِ، فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ، ليأتى بالصلاة بالوضوء؛ لأنه الأصل والأكمل، أَوْ ظَنَّهُ، أي تَرَجَّحَ عنده وجوده آخره، فَتَعْجِيلُ التَّيَمُّمِ أفْضَلُ في الأَظهَرِ، أي إذا أراد الاقتصار على صلاة واحدة ترجيحًا للفضيلة المتيقنة؛ وهي التعجيل على الوضوء المظنون (٢٣٥)،


(٢٣٥) لحديث ابن مسعود - رضي الله عنه -؛ قال: سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أيُّ العمل أفضلُ؟ قال: [الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا] رواه الحاكم في المستدرك: أول كتاب الصلاة: باب في المواقيت: الحديث (٦٧٤/ ١ و ٢/ ٦٧٥) وقال: فقد صحَّت هذه اللفظة باتفاق بندار بن بشار
والحسن بن مكرم على روايتهما عن عثمان بن عمر، وهو صحيح على شرط الشيخين =

<<  <  ج: ص:  >  >>