للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَكَرَّرَ ضَرَبَ، أي ضَرْباً غيرَ مُبَرِّحٍ أي غيرُ شَاقٍّ وشديدِ الألَمِ إنْ كانَ يحصلُ به الإقلاعُ مع الوعْظِ والهجرانِ في الفراشِ دونَ الكلامِ بلا خلافٍ للآيةِ السالفةِ، في عددِ الضربِ وجهانِ، أحدُهما: دون الأربعين، والثاني: دون العشرين.

فَرْعٌ: هِجْرَانُهَا في الكلامِ فوقَ الثلاثِ مُحَرَّمٌ على الأصحِّ، وهو يخرجُ بقولهِ قبله فيما مضى: (وَهَجَرَ فِى الْمَضْجَع)، ويستثنَى من تحريمِ الهجرِ ما إذا رأَى فيهِ إصلاحاً للمهجورِ وما إذا رأى لنفسِهِ سلامةً فيه، ذكرهُما الغزاليُّ.

فَلَوْ مَنَعَهَا حَقًّا كَقَسْمٍ وَنَفَقَةٍ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي تَوْفِيَتَهُ، لأنهُ الأعدلُ (•)، فَاِنْ أَسَاءَ خُلُقَهُ وَآذَاهَا بِلاَ سَبَبٍ نَهَاهُ، فَإِنْ عَادَ عَزَّرَهُ، لتعدِّيْهِ علَيْهَا ولم يتعرَّضْ أكثرُهم للحيلولَةِ، بل صرَّحَ الرويانىُّ بالمنعِ منها واعتبرَها الغزاليُّ، قُلْتُ: وَشَيْخُهُ وتبعَهُ الحاوِى الصغير، وَإِنْ قَالَ كُلٌّ: إِنَّ صَاحِبَهُ مُتَعَدٍّ، تَعَرَّفَ الْقَاضِي الْحَالَ بِثِقَةٍ يَخْبُرُهُمَا وَمَنَعَ الظَّالِمَ، أي من الظلمِ، قال الرافعيُّ: كذا أطلقوهُ وظاهرهُ الاكفتاءُ بقولِ عدلٍ ولا يخلو عن احتمالٍ، فَإِنِ اشْتَدَّ الشِّقَاقُ، أيِ الخلافُ والعداوَةُ، بَعَثَ حَكَماً مِنْ أهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا، أي وُجُوباً لقوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا}. . . الآية (١٦)، وَهُمَا وَكِيْلاَنِ لَهُمَا، لأنَّ البُضْعَ حقُّ الزوجةِ والمالَ حقُّ الزوجِ وهما رشيدانِ فلا يُوَلَّى عليهِما، وَفِي قَوْلٍ: مُوَلَّيَانِ مِنَ الْحَاكِمِ، لأنَّ اللَه تعالى سمَّاهُما حَكَمَيْنِ، وَالْحَكَمُ مَنْ يَتَحَكَّمُ ولا امتناعَ أنْ يثبتَ على الرشيدِ الولايةُ عند الامتناعِ من أداءِ الحقوقِ كَالْمُفْلِسِ والمُولَّى عليهِ، فَعَلَى الأَوَّلِ يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا، فَيُوَكِّلُ حَكَمَهُ بِطَلاَقٍ وَقَبُولِ عِوَضِ خُلْعٍ، وَتُوَكِّلُ حَكَمَهَا بِبَذْلِ عِوَضٍ وَقَبُولِ طَلاَقٍ بِهِ، أيْ وعلى الثانى: لا يشترطُ رضاهُما في بعثهِ (١٧).


= خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
(•) في النسخة (١): العدلُ.
(١٦) النساء / ٣٥: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}.
(١٧) عن محمد بن سيرين عن عبيدة أَنَّهُ قَالَ فِى هَذِهِ الآيةِ {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا. . .} =

<<  <  ج: ص:  >  >>