للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لهُ عليها شيءٍ؛ لأنَّ اختلاعَ الأجنبىِّ بنفسهِ صحيحٌ، وَإن أَطْلَقَ فالأظْهَرُ أَنَّ عَلَيْهَا مَا سَمَّتْ، لأنها لم ترضَ بأكثرَ منه، وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ، لأنَّ اللفظَ مطلقٌ، والصرفُ إليه ممكنٌ، وكأنْهُ افْتَدَاهَا بما سمَّتْ وبزيادةٍ من عندِ نفسهِ، والثاني: أنَّ عليها أكثرَ الأمرينِ من مهرِ المثلِ وما سمَّتْ؛ لأنهُ عَقَدَ لها فأشبَهَ ما إذا أضافَهُ إليها، فإن بقى شيءٌ مما سمَّاهُ الوكيلُ فَعَلَى الوكيلِ وإن زادَ مهرُ المثلِ على ما سمَّاهُ الوكيلُ لم تجِبْ تلكَ الزيادةُ، لأنَّ الزوجَ رَضِىَ بما سمَّاهُ الوكيلُ.

وَيجُوزُ تَوْكِيْلُهُ، أيِ الزوجُ في الخُلع، ذِمِّيًّا، لأنهُ قد يخالِعُ المسلمَةَ ويُطَلِّقُها، ألا تَرَى أنها لو أسلَمَتْ وتخلَّفَ فخالَعَها في العِدَّةِ ثم أسلَمَ؛ حُكِمَ بصحَّةِ الخُلْع، وَعَبْداً وَمَحْجُوْرًا عَلَيهِ بِسَفَهٍ، أيْ ولا يُشترط إذنُ السَّيِّدِ والوليِّ؛ لأنهُ لا يتعلَّقُ في الخُلع عُهْدَةُ وكيلِ الزوجِ.

وَلاَ يَجُوزُ تَوْكِيْلُ مَحْجُورٍ عَلَيهِ فِي قَبْضِ العِوَضِ، لأنهُ ليس أهْلاً لهُ، فإِنْ فَعَلَ وقَبَضَ ففى التتمَّةِ: أنَّ المختلِعَ يُبَرَّأُ ويكونُ الزوجُ مُضَيِّعاً لِمَالِهِ.

فرعٌ: يجوزُ أيضاً أنْ يكونَ وكيلُها ذِمِّيًّا وعبداً، قال البغوىُّ: لا سفيهاً، وإنْ أذِنَ لهُ الوليُّ وفيه وجهٌ في الحاوي.

وَالأصَحُّ صِحَّةُ تَوْكِيلِهِ امْرَأَةً بِخُلْعِ زَوْجَتِهِ أَوْ طَلاَقِهَا، لأنهُ لو قالَ لزوجَتِهِ: طَلِّقِى نفسَكِ، فقالَتْ: طَلَّقْتُ؛ يجوزُ؛ ويقعُ الطلاقُ، وذلك إمَّا تمليكٌ أو توكيلٌ، إنْ كانَ توكيلاً فذاكَ، أو تمليكاً فكما يجوزُ أنْ تَتَمَلَّكَ الطلاقُ يجوزُ أن تتوكلَ فيهِ، وهذا ما نقلَهُ العمرانىُّ عن النصِّ (٢٢)، والثانى: لا يصحُّ لأنها لا تستقِلُّ بهِ فلا تتوكَّلُ فيهِ.


(٢٢) عن الأسود وعلقمة؛ قالا: جاء رجل إلى ابن مسعود -رضي الله عنه-؛ فقال: كَانَ بَيْني وَبَيْنَ امْرَأتِى بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ الْنَّاسِ , فَقَالَتْ: لَوْ أَنَّ الَّذي بيَدِكَ مِنْ أَمري بِيَدِى لَعَلِمْتُ كَيفَ أصْنعُ، قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ الَّذِى بِيَدِى مِنْ أمْرِكِ بيَدِكِ، قالَتْ: فَإِنِّي قَدْ طَلَّقْتُكَ ثَلاَثاً، قَالَ عَبْدُ الله: (أرَاهَا وَاحِدَةً, وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهَا، وَسألقَىَ أمِيْرَ الْمُؤمِنيْنَ فاسْأَلهُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: فلَقيَهُ فَسَألَهُ فَقَصَّ عَلَيْهِ القِصَّةَ، فَقَالَ عُمَرُ -رضي الله عنه-: فَعَلَ الله بِالرِّجَالِ يَعْمَدُونَ إِلَى مَا =

<<  <  ج: ص:  >  >>