للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يلتزِم في نفسِه، فأشبَهَ ما إذا خاطَبَها فلم تَقْبَلْ، وَأبوهَا كَأَجْنَبِيٍّ فَيَخْتَلِعُ بِمَالِهِ، أي صغيرةً كانت أو كبيرةً، فَإن اخْتَلَعَ بِمَالِهَما وَصَرَّحَ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِلاَيَةٍ لم تُطَلَّق، كما لو بَانَ كَذِبُ مُدَّعِى كَذِبَ الوكالةِ في الاختلاع، فإنْ لم يتعرَّض لهُما فرجعِيٌّ على الأصحِّ، أَوْ بِاسْتِقْلاَلٍ فَخُلْع بِمَغْصُوبٍ، أيْ وإنِ اختلَعَ بمالِها مصرِّحًا بالاستقلالِ فهو كالاختلاع بمغصوبٍ، فيقعُ الطلاقُ بمهرِ المثلِ على الأظهرِ وبِبَذْلِ المسمَّى في قولٍ.

فَصلٌ: اِدَّعَتْ خُلْعًا فأَنْكرَهُ؛ صُدِّقَ بِيَمِيْنهِ، إذِ الأصلُ بقاءُ النكاح وعدمُ الْخُلع، وَإن قَالَ: طَلقتكِ بِكَذَا، فَقَالَتْ: مَجَانًا بَانَتْ، أيْ بإقرارِهِ، وَلاَ عِوَضَ، لأن الأصلَ براءَةُ ذِمَّتِهَا وعدمُ تطليقِهِ على العوضِ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي جنْسِ عِوَضِهِ أَوْ قَدْرِهِ وَلاَ بَيِّنَةَ تَحَالَفَا، كَالْمُتَبَائِعِيْنِ، وَوَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ، لأنهُ تعذرَ رَدُّ البُضْع إليهِ فرجعَ إلى بدلِهِ وهو مهرُ المثلِ، كما لو وقعَ التحالُفُ بعد تَلَف المبيع، ثم القولُ في أنَّ الفسخَ يحصلُ بالتحالف أو يفسخ إنْ أصَرَّ على النزاعِ، وفي كيفيَّةِ اليمينِ ومن يبدأ بهِ على ما تقدَّمَ في الصَّدَاقِ وَالْبَيْع، وقوله: (وَلاَ بَيِّنةَ) يحترزُ بهِ عمَّا إذا أقامَ كُلُّ واحدٍ منهُما بَيِّنَةً على ما يقولهُ فإنهُ إن كانَ الاختلافُ في غيرِ عَدَدِ الطلاق فَتَتَهَايَرُ البَيِّنَتَانِ؛ أو فيهِ فَإِنْ أَرّختِ البَيِّنَتَانِ واتفَقَ الوقتُ تَحَالَفَا، وإنِ اختلَفَا فالتي هى أَسْبَقُ تَارِيخًا أَوْلى، وَلَو خَالَعَا بَأَلفٍ وَنَوَيَا نَوْعًا لَزِمَ، أيْ بخلافِ البيع والحالة هذهِ؛ لأنهُ يُحتَمَلُ في الخُلْع ما لا يُحْتَمَلُ في الْبَيْع ولذلك يحصلُ المِلْكُ بالإعطاءِ بخلافِ البيع، وَقِيلَ: مَهرُ مِثل، لفسادِ التسميَةِ كما يفسدُ البيعُ، وَلَو قَالَ: أَرَدْنَا دَنَانِيْرَ، فَقَالَتْ: بَل دَرَاهِمَ أَوْ فلُوسًا تَحَالَفَا عَلَى الأوَّلِ، لأنهُ نزاعٌ في جنس العِوَضِ فأشبهَ ما لو اختلَفَا فيما سمياهُ، وَوَجَبَ مَهْرُ مِثْل بِلاَ تَحَالُفٍ فِي الثانِي، وَالله أَعْلَمُ، لأنَّ هذا نزاعٌ في النيّةِ والإرادَةِ ولا مُطلِعَ عليهَا، وإذا امتنعَ التحالفُ ووقعَ الاختلافُ صارَ العوضُ مجهولًا فيجبُ الرجوعُ إلى مهرِ المثلِ، ومَنْ قالَ بالأوَّلِ قد يحصلُ الاطلاعُ على قَصْدِ الغيرِ وإرادتِهِ بالأمَارَاتِ والقرائِنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>