للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَجِبُ شِرَاؤُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ، أي وهو قيمته في موضعه وزمانه (٢٣٨)، وكذا إذا فقد التراب ووجده يباع بثمن مثله؛ كما رأيته في فتاوى الحناطي، إِلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إِلَيْهِ، أي إلى ثمن الماء، لِدَيْنِ مُسْتَغْرِقِ، أَوْ مُؤْنَةِ سَفَرِهِ، أي المذكور في الحج ذهابًا وإيابًا، أَوْ نَفَقَةِ حَيْوَانٍ مُحْتَرَمٍ، أي من مسلم أو ذمي وبهيمة وسائر ما لا يباح قتله؛ لأن هذه الأمور لا بد لها بخلاف الماء، وهل يعتبر هنا المسكن والخادم؟ فيه نظر.

وَلَوْ وُهِبَ لَهُ مَاءٌ أَوْ أُعِيرَ دَلْوًا وَجَبَ القُبُولُ فِي الأَصَحِّ، لخفة الْمِنَّة فيه لجري العادة به، والثاني: لا يجب قبول الماء كالثمن ولا قبول العارية إذا زادت قيمة المستعار على ثمن الماء؛ لأنه قد يتلف فيضمنها.

وَلَوْ وُهِبَ ثَمَنَهُ فَلَا، بالإجماع لما فيه من عظم الْمِنَّةِ (٢٣٩)، وَلَوْ نَسِيَهُ فِي رَحْلِهِ أَوْ أَضَلَّهُ فِيهِ، أي طلبه فيه، فَلَمْ يَجِدْهُ بَعْدَ الطَّلَبِ، أي فيهما، فَتَيَمَّمَ قَضَى فِي الأَظْهَرِ، أما في الأَولِ: فكما لو نسي الرقبة فصام، وأما في الثانية: فلندوره، والثاني: لا قضاء لعدم التقصير، وَلَوْ أَضَلَّ رَحْلَهُ فِي رِحَالِ فَلَا يَقْضِي، لأن خفاء الماء فيها أغلب.


(٢٣٨) لما جاء في حديث عمران بن حصين؛ في حديث المرأة التي أخذوا الماء منها؛ قال: ثم قال لنا: [هَاتُواْ مَا عِنْدَكُمْ] فجعلنا لها من الكسر والتمر حتَّى صَرَّ لها صُرَّةً فقال لها: [اذْهَبي فَأَطْعِمِي هَذَا عِيَالَكِ؛ وَاعْلَمِي أَنَّا لَمْ نَرْزَأْ مِنْ مَائِكِ شَيْئًا]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب مناقب: باب علامات النبوة في الإسلام: الحديث (٣٥٧١). ومسلم في الصحيح: كتاب مساجد ومواضع الصلاة: باب قضاء الفائتة: الحديث (٣١٢/ ٦٨٢).
والبيهقى في السنن: الحديث (١٢٦).
(٢٣٩) لما جاء في حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِلْمَرْأَةِ: [تَعْلَمِيْنَ؛ وَاللهِ إِنَّا مَا رَزَأنَا مِنْ مَائِكِ شَيْئًا، وَلَكِنَّ الله هُوَ الَّذِي سَقَانَا]؛ وقد تقدم، وفي سياق النص دلاله واضحة على أن الأمر عادى معهود بين الناس في تعامل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم الصحابة مع المرأة في أخذ الماء وشربهم منه وقوله فيها وهي قائمة تنظر ما يَفْعَلُ بمائها، وكما سيأتى إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>