بَعْدَهُ صُدِّقَ، لأنه يملك الرجعة، وقد صحت فِي الظاهر، ولا يقبل قولها فِي إبطالها، قُلْتُ: فَإِنِ ادَّعَيَا مَعًا، بأن قال قد راجعتك، وقالت فِي زمن قوله انقضت عدتى، صُدِّقَتْ، وَاللهُ أَعْلَمُ، أي بيمينها، لأن الرجعة قولية بخلاف انقضاء العدة، فيجعل قوله راجعتك كالإنشاء، وقولها انقضت عدَّتي إخبار عن ماضٍ، فكأن إنشاءه صادف انقضاء العدة، وهذا هو الأصح فِي هذه المسألة والتى قبلها، وحاصل الخلاف فيها خمسة أوجه. كما ذكرتها فِي الأصل فراجعها منه.
تَنبِيْهٌ: هل المراد سبق الدعوى عند الحاكم أم لا؟ اختلف فيه فقهاء اليمن، فقال ابن عُجيل: نعم، وقال الحضرمي: يظهر من كلامهم أنهم لا يريدونه. وَمَتَى ادَّعَاهَا وَالْعِدَّةَ بَاقِيَةٌ صُدِّقَ، لقدرته على الإنشاء، وَمَتَى أَنْكَرَتْهَا وَصُدِّقَتْ ثُمَّ اعْتَرَفَتْ قُبِلَ اعْتِرَافُهَا، كذا نص عليه الشافعي، قال الرافعى فِي الشرح الصغير: ورآه الأصحاب مستحيلًا؛ لأن قضية قولها الأول تحريمها عليه، وإذا أقرت بالتحريم وجب أن لا يقبل منها خلافه، كما لو أقرت أنها بنت زيد ثم رجعت وكذبت نفسها لا يقبل رجوعها، لكن الرجل إذا ادعى حقًّا فأنكرته ثم اعترفت به فلا يجوز إبطاله، كما فِي أصل الزوجية بخلاف النسب.
وَإِذَا طَلَّقَ دُوْن ثَلَاثٍ وَقَالَ: وَطِئْتُ فَلِي رَجْعَةٌ وَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ بِيَمِيْنٍ، لأن الأصل عدم الدخول، وَهُوَ مُقِرٌّ لَهَا بِالْمَهْرِ فَإنْ قَبَضَتْهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا تُطَالِبُهُ إِلَّا بِنِصْفٍ، أي فإذا أخذته ثم عادت واعترفت بالدخول؛ فهل لها أخذ النصف الآخر أم لا بد من إقرار مستأنف من جهة الزوج؟ فيه وجهان، وفي شرح المفتاح لأبي منصور البغدادي: أنها لو كانت قبضت المهر وهو عين، وامتنع الزوج من قبول النصف، فيقال له: إما أن تقبل النصف وإما أن تبرئها منه، ولو كانت العين المصدقة فِي يده، وامتنعت من أخذ الجميع أخذه الحاكم، وإن كان دَيْنًا فِي ذمته، قال لها: إما أن تبرئيه، وإما أن تقبليه، والله أعلم.