للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدثه باقٍ، وَهُوَ، أي التراب المستعمل، مَا بَقِيَ بِعُضْوِهِ، أي حالة التيمم وإن تناثر بعد ذلك، وَكَذَا مَا تَنَاثَرَ، أي حالة التيمم بعد إصابته العضو، فِي الأَصَحِّ، كالمتقاطر من الماء، والثاني: لا يكون مستعملًا؛ لأن التراب يدفع بعضه بعضًا بخلاف الماء، وعُلم من كلام المصنف: أنَّه يجوز أن يتيمم جماعة من موضع واحد، وكذا الواحد من تراب يسير في خرقة ونحوها؛ كما يجوز الوضوء مرات من إناء واحد.

وَيُشْتَرَطُ قَصْدُهُ، أي قصد التراب لقوله تعالى: {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا} أي اقصدوا، فَلَوْ سَفَتْهُ رِيحٌ عَلَيْهِ فَرَدَّدَهُ، على أعضائه، وَنَوَى لَمْ يُجْزِئْ، لأن التراب أتاه ولم يقصده، وَلَوْ يُمِّمَ، بِإِذْنِهِ جَازَ، كالوضوء؛ بل يجب عند العذر، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ عُذْرٌ، لأنه لم يات بالتراب، وأجاب الأول بإقامة نائبه مقامه، ولا بد من نية الإذن كما قاله في شرح المهذب. أما إذا يمم بغير إذنه فكتعرضه للريح.

وَأَرْكَانُهُ:

١ - نَقْلُ التُّرَابِ، أي فلو كان على العضر تراب فردده عليه من جانب إلى جانب لم يكف، واحتجُّوا له؛ بأن القصد شرط كما تقدم؛ وإنما يكون قاصدًا إذا نقل التراب؛ قال الرافعي: وغير هذا الاستدلال أوضح منه. ومجموع ما ذكر في الكتاب من الأركان خمسة: النقل، والنية، ومسح الوجه، ومسح اليدين، والترتيب، وزاد المصنف في الروضة التراب والقصد، وقال الرافعي: إسقاطهما أوْلى، فَلَوْ نَقَلَ مِنْ وَجْهٍ إِلَى يَدٍ، أي بأن يزيل التراب الذي مسح به وجهه بخرقة ويحدث عليه ترابًا آخر (٢٤٨)، أَوْ عَكَسَ كَفَى فِي الأَصَحِّ، لحصول مسمى النقل، فعلى هذا لو نقل من إحدى اليدين إلى الأخرى؛ ففيه وجهان؛ في الكفاية بلا ترجيح وجه المنع، أن اليدين


(٢٤٨) لحديث حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ لَنَا الأرْضُ مَسْجِدًا؛ وَجُعِلَ تُرَابُهَا طَهُورًا] رواه الدارقطني في السنن: ج ١ ص ١٧٥ - ١٧٦، وأبو عوانة في صحيحه: ج ١ ص ٣٠٣. ولفظه عند مسلم: [وَجُعِلَتْ لَنَا الأَرْضُ مَسْجِدًا
وَجُعِلَ تُرْبَتُهَا طَهُورًا]: الحديث (٥٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>